أنّى لزينبَ أنْ تكونَ أسيرةً
وهيَ الأميرةُ والمقامُ مقامُها
هلكتْ أميةُ إذ تنوءُ بثقلِها
فلمِثْلِ زينبَ تُستقلُّ عظامُها
مرّت بها لترى الحسينَ عصابةٌ
سحقتْ على جسدِ الشهيدِ هوامُها
فتمزّقَ القلبُ السويُّ لِما رأى
من هولِ مصرعِهِ وخارَ نظامُها
سيقتْ كما عجمِ العلوجِ إلى الذي
بالمالِ ألَّفَ والديهِ إمامُها
يحدو الخوارجُ ظعنَها وركابَها
من بعد أنْ بلغَ النبيَّ سهامُها
فتجاسرتْ في الشامِ ألفُ دعيّةٍ
يمضي بأوردةِ النبيِّ كلامُها
ما كان سهلٌ قد بكاهُ وما حكى
من عيدِ طاغيةٍ إليهِ نَهامُها
والحورُ ترنو بالعيونِ حزينةً
للرمحِ باكيةً إليهِ ضِمامُها
من هولِ ما لقيتْ هناكَ وما رأتْ
حُرَمُ النبيِّ وقدْ أُريقَ أدامُها
ما بينَ طفلٍ للنبيِّ وقد بكى
أو طفلةٍ فجعَ الزمانَ هُيامُها
وعيونُ أهلِ الشامِ تنهشُ سترَها
فكأنما نهشَ القليلَ حِمامُها
فتساقطتْ كالوردِ يسقطُ باسماً
أزهارُ حيدرَ والفراقُ ختامُها
وتكسرتْ أغصانُ دوحة أحمدٍ
فَشَرى الكواسر من أميةَ شامُها
حتى أتتْ وادي الطفوفِ بجمعِها
في الأربعينَ على الثواكل قامُها
نادينَ من كَمَدٍ على جَدثٍ هنا-
كَ تمزّقتْ بشذا المهنّدِ هامُها
وتناثرتْ في الأرضِ تشغبُ فوقَها
شمسُ النهارِ وقدْ أطلَّ تمامُها
فاشتدَّ من عطشٍ هناكَ لهيبُها
واهتاجَ من أثرِ الجراحِ ضرامُها
والذعرُ أضحى للسكينةِ مردفاً
بحِجا الطفولةِ إذ تلوّعَ عامُها
وتذكّرتْ بالخيلِ ليلةَ اُفزعتْ
وتشرّدتْ ، ومع اللُهَيْمِ لُهامُها
وتداعت النسوانُ ليسَ يقودُها
إلا مشاعرُ شوقِها وهيامُها
صوبَ الشريعةِ يبتدرنَ كفيلَ مَنْ
كفلَ العيالَ بسيرِهنَّ قيامُها
فتعثّرتْ بالشوقِ كلُّ حميدةٍ
قد طالَ عن كَنَفِ الحبيبِ لِمامُها
وتكاثرَ الأطفالُ تحتَ كفوفِهِ
أوَما رأوا فُصلتْ هناك عظامُها
أمّا العقيلةُ في الحقيقةِ بادرتْ
نحوَ الضلوعِ تعدُّها وتضامُها
وتجسُّ أوداجَ الحسينِ وهلْ عدتْ
في الغاضريةِ تربُها وحطامُها
وهناكَ من بين الجماعةِ هرولتْ
أمُّ الرضيعِ وقدْ شكاهُ فطامُها
فعسى الوليدُ يشمُّ ريحَ حليبِها
فيقيهِ من حرِّ الحديدِ لثامُها
وتقدمتْ في الرملِ تزحفُ رملةٌ
أفعكّرتْ قدَمَ الصغيرِ قَنامُها
وتجسُّ أين النَعْلُ تُلبسُ طفلَها
فلقدْ أبى زَجَلَ الحفاةِ همامُها
بينا لليلى والفراتِ مناحةٌ
فلِما تيبّسَ كالصخورِ غلامُها
ولما تخلّى عن سقايةِ غصنِهِ
حتى تخشّبَ في اللسانةِ لامُها
فاستقطبَ السجّادُ كلَّ أنينِها
فإلى المدينةِ كمْ يطولُ سجامُها
وهناك في أمِّ البنينَ كفايةٌ
ليعودَ في جَدَدِ المصابِ زحامُها