نتائج العدوان الصهيوني على إيران

Twelve Day War

97

 

 

معرفة نتائج كل حرب ، وفهم حقيقة المنتصر من المنهزم ، ترتبط ارتباطاً عضوياً بمقدمتين ، قراءة إمكانيات كل طرف ، ودراسة ما تحقق من أهداف الطرف المعتدي.

وبين الصهاينة وبين الإيرانيين فرق شاسع في الإمكانيات اللوجستية والمعداتية والتقنية . فإسرائيل عبارة عن فيلق غربي متقدم ، مرتبط مباشرة بجيوش دول كبرى قوية ، هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تمده بجسر جوي عسكري ولوجستي ، وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ، وهي دول تدعمه عسكرياً ولوجستياً لكنها أهم مصادره الاستخباراتية ، فضلاً عن الدعم السياسي المفتوح ، بينما تقف خلفها معظم حكومات العالم الغربي مادياً وسياسياً وإعلامياً ، وتوفر للصهاينة الغطاء القانوني لأية أعمال بربرية اعتادوا على ارتكابها بوحشية لتحقيق انتصار ما حتى ولو على طفل ، فيما ترتبط أغلب حكومات وجيوش العالم الإسلامي الديكتاتورية بجهود الولايات المتحدة الأمريكية لدعم إسرائيل ، ولا شك أن جهود دولة مثل قطر أو تركيا في فك الطوق العسكري على النظام الصهيوني عبر إسقاط النظام المعادي الممانع في سوريا كانت من أوضح الأمثلة على دعم إسرائيل ، فليست تحفل تلك الدول الداعمة للديكتاتوريات بحقوق السوريين. وتمتلك إسرائيل احدث طائرات الولايات المتحدة الأمريكية ، وتتم حمايتها بعدة طبقات صاروخية ذكية مكلفة مثل مقلاع داود وحيتس ، بينما تشكّل الطبقات الأخرى الأمريكية في العراق وسوريا والجيش الأردني ورادارات الناتو في تركيا والرادارات والقواعد العسكرية الغربية في دول الخليج وقواعد الكيان في أذربيجان طبقات حماية متعددة أخرى . وفوق كل هذا وتشرف عليه طبقات عليا من الأقمار الصناعية التي شاركت في إعدادها ارقى جامعات ومراكز البحث العلمي في العالم بتقنيات تصوير واتصال غير مسبوقة. ودعم مالي من رأس المال اليهودي المتحكم بالعالم. وإعلام عربي وإسلامي رسمي ورأسمالي نصف صهيوني . وتمتلك هذه الدول مجتمعة أو منفردة أعتى القوات الجوية المعقدة المتقدمة التي يستحيل نظرياً هزيمتها.

بينما إيران دولة إسلامية محاصرة منذ ما يقرب من خمس وأربعين عاماً ، يحاصرها العالم الإسلامي قبل العالم الغربي الصليبي واليهودي ، تفتقر إلى المعونة التقنية وتعتمد على الاكتفاء الذاتي ، وتعاني الجفاف ، محاطة بطوق معادٍ من قوى تكفيرية أو قواعد أمريكية ، وتعود طائراتها إلى زمان حكم الديكتاتور الشاه في سبعينيات القرن العشرين ، عانت من حرب استنزاف طويلة شنها نظام البعث الصدامي نيابة عن الغرب والصهاينة بالمال الخليجي الذي دفع العراق ثمنه لاحقاً ، وذهبت في تلك الحرب أفواج عظيمة من أجيال الثورة الإسلامية العقائدية ، كما نزفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ثروات ضخمة كانت ستحقق طفرة في البنية التحتية العمرانية والتقنية. ويتم فرض عقوبات دولية على أية جهة خاصة أو عامة تتعامل مع إيران الإسلامية دولياً. فيما تم تقييد حلفائها من الأحزاب والقوى الإسلامية المقاومة عبر حصار اليمن وفرض الحرب الخليجية الأمريكية عليها ، بينما تهدد قيادات المكونين السني والمسيحي في لبنان بيئة المقاومة الإسلامية في لبنان ( حزب الله ) بفتح ثغرة الحدود السورية وطعن المقاومة من الظهر إذا عادت إلى أرض المعركة ضد الصهيونية ، بعد أن نجحت القوى الأمريكية القطرية التركية بفرض نظام الحكم التكفيري لتنظيم (القاعدة) على دمشق . وتعاني القوى الإسلامية المقاومة في العراق من ضغط الاحتلال الأمريكي بعملائه المعروفين في الوسط السياسي العراقي لا سيما في شمال العراق.

وبينما يعيش كل الصهاينة ، شعباً وقيادات تحت الأرض في حفر عميقة محصنة ، تعيش القيادات الإسلامية في إيران في شقق معروفة فوق الأرض وتذهب إلى عملها كل صباح تحت القصف الصهيوني.

وفيما يشارك الحلفاء الغربيون إسرائيل في حربها العدوانية عسكرياً ، كما يدعمونها ، هم وتحالفهم العربي استخبارياً ، ويحمونها سياسياً ، اكتفى أصدقاء إيران من الروس والصينيين بالدعم السياسي ولم تطلب إيران منهم أكثر ، بينما اكتفت أكبر الدول الإسلامية بمواقف سياسية مثل باكستان ، أو مواقف منافقة مثل تركيا – كعادة حكومتها التي تتحدث في النهار عن ظلامة غزة وترسل الغذاء والمعدات للجيش الصهيوني مساء – التي تعمل رادارات الناتو في أراضيها على كشف انطلاق الصواريخ الإيرانية واخبار الصهاينة عنها.

أما من جهة الأهداف الصهيونية لدويلة الاحتلال المعتدية ، فقد أعلن الصهاينة ومجرم الحرب (نتنياهو) أن هدفهم تدمير البرنامج النووي الإيراني ، وتدمير برنامج الصواريخ البالستية ، وإسقاط النظام الإسلامي في إيران ، وفرض وثيقة استسلام قاسية على الحكومة الإسلامية. وكل هذه الأهداف لم تتحقق قطعاً.

وبينما شاركت الولايات المتحدة الأمريكية بقاذفاتها الثقيلة (B2) في قصف المفاعلات النووية الإيرانية إلى جانب القوات الجوية الصهيونية بكل صبيانية وتهديد للأمن الإقليمي دون رادع أخلاقي ، ابتعدت إيران الإسلامية كلياً عن ضرب مفاعل (ديمونة) الإسرائيلي لأسباب أخلاقية رغم سهولة ضربه .

واستطاعت إيران تفكيك عشرات الخلايا الجاسوسية والتخريبية الصهيونية داخل إيران والتي عمل الكيان على صناعتها بالمال خلال عشرة سنوات خلال اسبوع واحد فقط .

وبعد أن كانت شعوب العالم هي التي تدين إسرائيل على مذبحة غزة ، وتكتفي الكثير من الحكومات بمواقف خجولة ، أدانت معظم حكومات العالم العدوان الصهيوني على إيران ، وصار واضحاً للشعوب سوء صنيع الصهاينة وصبيانيتهم وعنصريتهم تجاه الأجانب. وشهد العالم سخرية واسعة من بكاء الصهاينة ، كان أبرز القائمين عليها من الغربيين.

وشهد العالم الإسلامي السني لأول مرة ظاهرة التعرف على إيران ، خارج منابر السلفيين والإعلام الرسمي ، ليتعرفوا على الشعب الإسلامي الشيعي هناك وقيادته المؤمنة بالله ، وكيف استطاع هذا الشعب بثقته بالله وقيادته بناء دولة محاصرة تماماً. وذهبت أدراج الرياح عقود من التشويش القومي والسلفي والصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية في إيران ، بعد أن رأى العالم الإسلامي السني أن المسلمين الشيعة لا يلطمون فقط بل إنهم يصنعون الصواريخ التي تدك معاقل الصهاينة للدفاع عن قضية إسلامية سنية ، وأن إيران التي تضحي باقتصادها وأبنائها ليست باحثة عن النفوذ بل عن الحق ورفع الظلامة عن الشعوب المستضعفة.

ومن ثم يكون المنتصر واضحاً في هذه الجولة من المعركة ، ويكون المنهزم من طلب إلى حلفائه مساعدته بعد عجزه ثم طلب إليهم الضغط لوقف الحرب التي بدأها هو بعنجهية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.