مضر الحمراء : قبائل (بني تميم) و (ضبة) و (الرباب) و (كنانة) و (قريش)
Bani Tamim
- أخبار (قريش) أوسع من احصائها هنا , وأخبار (بني امية) منها أخبث من أن يحتويها المقام , فتم التركيز على قبائل (تميم) و (ضبة) و (الرباب) .
توزعت الشعوب في الشرق الأوسط القريب الى مركز الرسالة على شكل تجمعات ، كل تجمع كان يقترب من فهم (علي بن ابي طالب) بقدر اقترابه وفهمه السابق للإسلام . فكانت هناك (ربيعة) في العراق ، وهي من العرب العدنانية التي دخلت في الإسلام طوعاً مبكرا ، وصارت هي الأقرب ل(علي بن ابي طالب) . وكانت هناك (مضر الحمراء = خندف) في جنوب العراق ووسطه ، وكانت متذبذبة في اقترابها من الإسلام في بدء الدعوة ، وكذلك كانت علاقتها ب(علي بن ابي طالب) .
ومن اغرب روايات حرب الردة قصة خروج (سلمى بنت مالك بن بدر) وهي بنت (ام قرفة) على جمل في قصة مستنسخة تماماً عن قصة خروج عائشة على (علي بن ابي طالب) ، حتى ان القوم ربطوا اسمها باسم عائشة ، وادعوا انها صاحبة كلاب الحوءب التي عناها رسول الله . ولان الراوي الكذاب يعلم قصة عائشة وشياعها وتواترها صعب عليه إلغاء اسمها تماماً فجعل الرسول لم يعين الاسم المقصود بالتحديد ، وإنما قال ان احداكن تستنبح كلاب الحوءب ، ليجعل القضية مرددة فيبعد التهمة عن صاحبة القصة الحقيقية ، لكنه ضحّى برسول الله الذي صار كأنه لا علم له وانه يعمم التهم جزافاً دون وجه دقة منه [1]. وهذا التلفيق شبيه ما نسبوه من قصة ارتداد ربيعة كلها ، من بكر بن وائل وعبد القيس والنمر وجميع من كان في ارض جنوب العراق حتى قطر ، وخلقوا لهذه النسبة قصصاً غريبة شبيهة بقصص البدو عن ابي زيد الهلالي ، ولم يبقوا على الإسلام الا الرباب ومن جاورها من الاعراب . وقد صادف ان من نسبوا اليه الردة من القبائل هي من تشيعت لعلي ، وهي التي قاتلت الفرس تحت راية المثنى بن حارثة الشيباني[2] ، وان من اثبتوها في قصصهم على الإسلام هي جيوش عائشة لاحقاً . ولو كانت ربيعة – التي كسرت قبائل العرب يوم صفين – قد ارتدت لما تجرأت سرايا ابي بكر على التحرش بها .
وما يؤكد انّ الانقلاب كان معروفاً بهذه الصفة في عموم أقاليم المسلمين هي الحروب التي اسماها (التاريخ الرسمي) – وهو مشابه لتاريخ الكنيسة الرومانية – بحروب (الردّة) . حيث نلاحظ التآزر القبلي والمناطقي ضد حكم (ابي بكر) وخلافته ، واتفاق المرتدين على (إقامة الصلاة) دون (إيتاء الزكاة)[3] . ولا نعلم كيف للمرتد ان يبقي صلاة دينه السابق ، الّا أنْ نقول انهم امتنعوا عن تسليم المال للفئة التي اغتصبت السلطة . والاغرب ان رواة السلطة يروون ان الأرض كلها ارتدت الا قريشاً وثقيفا[4] . وهو امر فيه نظر طويل ، اذ ان قريش أعدى أعداء الإسلام حتى وفاة النبي ، وثقيف اخر القبائل إسلاما ، وكلاهما معاندان مؤلفة قلوب زعمائهما فكيف كانا اثبت من غيرهما ، وغيرهما هي القبائل التي اسلمت طوعا لا كرها . الامر الذي يكشف حقيقة المقصود بالردة . نعم ، ربما كان بعضهم يريد الاحتفاظ بماله ، لكن لا يمكن أنْ نصدّق انهم اجمعوا على ذلك . فهذه (أسد) و (غطفان) و (طَي) – وهي من كبرى قبائل العرب والتي كانت محور جيوش بلاد ما وراء النهر من العرب لاحقا[5] – تجتمع الى (طليحة بن خويلد الأسدي) ، في رفضه إعطاء الزكاة لابي بكر . وكذلك اجتمعت الى (طليحة الأسدي) قبائل (ثعلبة) و (مرة) و (عبس) ، وقوم من (كنانة) . فنزلوا على المدينة ، وجلسوا الى وجوه الناس ، مشترطين عدم اداء المال لابي بكر ، الذي رفض واصرّ على تسليمه ما كان يسلّم لرسول الله . وقد انشأ شاعرهم يقول :
أطعنا رسول الله ما كان بيننا فيا لعباد الله ما لابي بكرِ
أيورثنا بَكْراً اذا مات بعده وتلك لعمرُ الله قاصمة الظَهرِ
كما حاول معاوية تتبع كل فرد على حبه وولايته ل(علي بن ابي طالب) ، لعله يشتريه او يثنيه ، بعد ان قتل وشرَّد خيار الصحابة ، أراد ايضاً قتل وتشريد العقل بعيداً عن علي . عن المقدمي أبو إسحاق قال حج معاوية سنة من سنيه فسأل عن امرأة يقال لها الدارمية الحجونية كانت امرأة سوداء كثيرة اللحم فأخبر بسلامتها فبعث إليها فجئ بها فقال لها كيف حالك يا ابنة حام قالت بخير ولست لحام إنما انا امرأة من قريش من بني كنانة ثمت من بني أبيك قال صدقت هل تعلمين لم بعثت إليك قالت لا يا سبحان الله وانى لي بعلم ما لم اعلم قال بعثت إليك ان أسألك علام أحببت عليا () وأبغضتيني وعلام واليتيه وعاديتيني قالت أو تعفيني من ذلك قال لا أعفيك ولذلك دعوتك قالت فأما إذ أبيت فاني أحببت عليا () على عدله في الرعية وقسمه بالسوية وأبغضتك على قتالك من هو أولى بالامر منك وطلبك ما ليس لك وواليت عليا () على ما عقد له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الولاية وحب المساكين واعظامه لأهل الدين وعاديتك على سفكك الدماء وشقك العصا قال صدقت[6] . ومن الواضح ان معاوية كانت يستخدم في خطابه لهذه المرأة المكية ثقافة اليهود واسرائيلياتهم .
كما بدأ أصحاب علي وتلاميذهم مشروعهم العلمي والتنويري داخل الامة . فهذا (أبو الأسود الدؤلي) ظالم ابن عمرو بن سفيان بن عمرو بن جندب بن يعمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الدّؤل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة . التابعي البصري، و المؤسس لعلم النحو، و واضعه. كان من الطبقة الأولى من شعراء الإسلام، و قد وضع أساس النحو بإشارة من أمير المؤمنين () و ألّفه و هذّبه[7]، و كان نازلا في بنى قشير، و كانوا يبغضونه لحبه عليا () و يرمونه في الليل بالحجارة فإذا أصبح شكى ذلك، فقالوا: ما نحن نرميك، و لكن اللّه يرميك، فقال: كذبتم لو رماني اللّه ما أخطأني. مات 69 ه بالطاعون الجارف بالبصرة. و خلفه: أبو حرب، محدّث مشهور. كما كانت زوجته شاعرة فاضلة لها شعر في المعاجم. و كان أبو الأسود خطيبا عالما جمع شدة العقل، و صواب الرأي، و جودة اللسان، و قول الشعر و الظرف. و هو أول من نقط المصحف، و قيل: إنّ أول من نقط المصحف يحيى بن يعمر العدواني، تلميذ أبي الأسود[8] .
والنبط الذين اطلق عليهم العرب اسم (الموالي) ، لأنهم دخلوا في أحلاف موالاة مع القبائل العربية بعد ان كانوا أهل مدنية لا قبلية . والغريب ان العرب من ربيعة ومضر تخاصمت نتيجة حروب هؤلاء الموالي لاحقاً في العصر العباسي انتصاراً لاحد طرفي بني بويه غير العرب , حتى اصلح بينهم عضد الدولة ملك ال بويه[9] .
ولا غرابة ان نجد (ازد البصرة) – وهي حتى عمان واليمن – يجهلون مرتبة (علي بن ابي طالب) الحقيقية ، ثم يقيسون القرب من رسول الله على البيت والزوجة ، فيُقتلون يوم الجمل حول عائشة بجهلهم . انهم كانوا أصحاب دين لا دنيا ، لكنه الدين الساذج البعيد عن المعرفة . ثم ان هذا الجهل الذي جعلهم اعداءً لعلي ولَّد مشكلة أخرى جعلتهم ابعد عن معرفة الحق ، اذ اضطر (علي بن ابي طالب) الى قتل العديد منهم في معركة الجمل ، حين خروجهم عليه ، مما جعلهم ناقمين . فهذا (لمازة – أبو لبيد – ابن زياد الأزدي البصري الجهضمي) المحدّث من الطبقة الثانية من أهل البصرة والتابعي كان يشتم أمير المؤمنين (). قيل له: أ تحب عليا؟ فقال: (كيف أحب عليا، و قد قتل من قومي في غداة واحدة، ستة آلاف)[10] . وقد شابههم وطابقهم في هذا الامر كل قبائل قيس عيلان في نجد تقريبا ، من فزارة وغطفان وسليم ، وكذلك قبائل مضر النجدية الصحراوية ، مثل ضبة وعمرو بن تميم . فحين خطب علي في الكوفة يستنهض الناس الى صفين لم يقم معترضاً الا رجل من (فزارة) ، بأسلوب أعرابي خشن ، حتى قام اليه الأشتر ، فهرب[11] . وعلة هذا الجهل بقيم (علي بن ابي طالب) هي البداوة ، وكون هذه القبائل أعرابية .
وهذه القبائل الاعرابية التي تقع أراضيها اليوم في بلدان الخليج بين الكويت والسعودية وقطر والامارات هي المقصودة بذم (علي بن ابي طالب) في اهل البصرة حينها , بدليل قوله في تفسير البرهان (علي بن (إبراهيم): قوله تعالى: وَ اَلْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى ، قال: المؤتفكة: البصرة، و الدليل على ذلك قول أمير المؤمنين () : « يا أهل البصرة، يا أهل المؤتفكة، يا جند المرأة، و أتباع البهيمة، رغا فأجبتم، و عقر فانهزمتم، ماؤكم زعاق ، و أديانكم رقاق ، و فيكم ختم النفاق، و لعنتم على لسان سبعين نبيا، إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أخبرني أن جبرئيل () أخبره أنه طوى له الأرض، فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء، و أبعدها من السماء، و فيها تسعة أعشار الشر و الداء العضال، المقيم فيها بذنب ، و الخارج منها[متدارك]برحمة [من ربه]، و قد ائتفكت بأهلها مرتين، و على الله [تمام] الثالثة، و تمام الثالثة في الرجعة »)[12] . فلم يقاتل مع المرأة – عائشة – الا هؤلاء , اذ كان اهل البصرة اليوم – وهم اهل شمال المدينة حينذاك – اغلبهم من بني تميم من بني سعد الذين لم يقاتلوا في الجمل وكانوا الى جانب (علي بن ابي طالب) في صفين , وكذلك خليط من الانباط وبعض القبائل التي لم تشارك في نصرة جيش عائشة . وكانت اعراب تميم تمتد الى الأرض التي تشمل الكويت اليوم حيث دفن فيها زعيمهم ابو الشاعر الفرزدق , وباقي القبائل من مضر التي شاركت في نصرة جيش عائشة وطلحة والزبير كانت الى الجنوب من تلك الارض . وكانت كل تلك الارضين تسمى البصرة وتتبع لها حتى نهاية الحكم العثماني وبداية تكوين دويلات وامارات الخليج على يد البريطانيين .
عن محمد وطلحة ، قالا : (كان قتلى الجمل حول الجمل عشرة الآف نصفهم من أصحاب علي ونصفهم من أصحاب عائشة ، من الأزد الفان ، ومن سائر اليمن خمسمائة ، ومن مضر الفان ، وخمسمائة من قيس ، وخمسمائة من تميم ، وألف من بني ضبة ، وخمسمائة من بكر بن وائل ، وقيل قتل من أهل البصرة في المعركة الأولى خمسة الآف ، وقتل من أهل البصرة في المعركة الثانية خمسة الآف فذلك عشرة الآف قتيل من أهل البصرة ، ومن أهل الكوفة خمسة الآف ، قالا : وقتل من بني عدي يومئذ سبعون شيخا كلهم قد قرأ القرآن سوى الشباب ومن لم يقرأ القرآن)[13] .
وكان على ميمنة (علي) يوم (صفّين) النجباء الأخيار (عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي) , ومعه من (خزاعة) عدد حسن , وعلى ميسرته (عبد الله بن العباس) وقراء العراق , مع ثلاثة نفر مع (عمار بن ياسر) و (قيس بن سعد) , والناس على راياتهم ومراكزهم , و(علي) في القلب في أهل (المدينة) والكوفة والبصرة , وعظم من معه من (المدينة) الأنصار , ومن كنانة وغيرهم من أهل (المدينة)[14].
وعند وفود (الوليد بن جابر بن ظالم الطائي) الذي كان ممن وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، ثم صحب عليا ، وشهد معه صفين، وكان من رجاله المشهورين، ثم وفد على معاوية في الاستقامة وكان معاوية لا يثبته ، معرفة، بعينه، فدخل عليه في جملة الناس، فلما انتهى إليه استنسبه، فانتسب له، فقال: أنت صاحب ليله الهرير؟ قال نعم: قال والله ما تخلو مسامعي من رجزك تلك الليلة، وقد علا صوتك أصوات الناس، وأنت تقول:
شدوا فداء لكم أمي وأب * فإنما الامر غدا لمن غلب
هذا ابن عم المصطفى والمنتجب * تنمه للعلياء سادات العرب
ليس ليس بموصوم إذا نص النسب * أول من صلى وصام واقترب
قال: نعم، أنا قائلها. قال: فلماذا قلتها؟ قال لأنا كنا مع رجل لا نعلم خصلة توجب الخلافة، ولا فضيلة تصير إلى التقدمة، إلا وهي مجموعه له، كان أول الناس سلما وأكثرهم علما، وأرجحهم حلما، فأت الجياد فلا يشق غباره، يستولي على الأمد فلا يخاف عثاره، وأوضح منهج الهدى فلا يبيد مناره، وسلك القصد فلا تدرس آثاره، فلما ابتلانا الله تعالى بافتقاده، وحول الامر إلى من يشاء من عباده، دخلنا في جمله المسلمين فلم ننزع يدا عن طاعة، ولم نصدع صفاه جماعه، على أن لك منا ما ظهر، وقلوبنا بيد الله وهو أملك بها منك، فاقبل صفونا، وأعرض عن كدرنا، ولا تثر كوامن الأحقاد، فإن النار تقدح بالزناد. قال معاوية: وإنك لتهددني يا أخا طي بأوباش العراق أهل النفاق، ومعدن الشقاق! فقال: يا معاوية هم الذين أشرقوك بالريق وحبسوك في المضيق، وذادوك عن سنن الطريق، حتى لذت منهم بالمصاحف، ودعوت إليها من صدق بها وكذبت، وآمن بمنزلها وكفرت، وعرف من تأويلها ما أنكرت. فغضب معاوية وأدار طرفه فيمن حوله فإذا جلهم من مضر ونفر قليل من اليمن، فقال أيها الشقي الخائن، أنى لأخال أن هذا آخر كلام تفوه به – وكان عفير بن سيف بن ذي يزن بباب معاوية حينئذ – فعرف موقف الطائي ومراد معاوية، فخافه عليه، فهجم عليهم الدار، وأقبل على اليمانية، فقال، شاهت الوجوه ذلا وقلا، وجدعا وفلا، كشم الله هذه الانف كشما مرعبا. ثم التفت إلى معاوية، فقال: إني والله يا معاوية ما أقول قولي هذا حبا لأهل العراق، ولا ج(نوحاً) إليهم، ولكن الحفيظة تذهب الغضب لقد رأيتك بالأمس خاطبت أخا ربيعة يعنى – صعصعة بن صوحان وهو أعظم جرما عندك من هذا، وأنكأ لقلبك، وأقدح في صفاتك، وأجد في عداوتك، وأشد انتصارا في حربك، ثم أثبته وسرحته، وأنت الان مجمع على قتل هذا – زعمت – استصغارا لجماعتنا! فإنا لا نمر ولا نحلي ولعمري لو وكلتك أبناء قحطان إلى قومك لكان جدك العاثر، وذكرك الداثر وحدك المفلول، وعرشك المثلول، فأربع على ظلعك، واطونا على بلالتنا ، ليسهل لك حزننا، ويتطامن لك شاردنا، فإنا لا نرأم بوقع الضيم، ولا نتلمظ جرع الخسف، ولا نغمز بغماز الفتن، ولا نذر على الغضب. فقال معاوية: الغضب شيطان، فأربع نفسك أيها الانسان، فإنا لم نأت إلى صاحبك مكروها، ولم نرتكب منه مغضبا، ولم ننتهك منه محرما، فدونكه فإنه لم يضق عنه حلمنا ويسع غيره، فأخذ عفير بيد الوليد، وخرج به إلى منزله وقال له: والله لتؤوبن بأكثر مما آب به معدى من معاوية. وجمع من بدمشق من اليمانية، وفرض على كل رجل دينارين في عطائه، فبلغت أربعين ألفا فتعجلها من بيت المال، ودفعها إلى الوليد، ورده إلى العراق[15] .
وقد كانت المنطقة في جنوب تركيا وشمال سوريا وشمال العراق موزعة بين ربيعة ومضر من الوائليين وشيبان وثعلب والنمر وغيرهم ، وكانوا في الغالب شيعة . وكان حين ولي الاتراك امرة الامراء والارزاق للمرة الأولى عن طريق ابن شيرزاد – بحسب ابن خلدون – ان ضاقت الجبايات على العمال والكتّاب والتجار وامتدت الايدي الى أموال الرعايا وفشا الظلم وظهرت اللصوص وكبسوا المنازل واخذ الناس بالجلاء عن بغداد[16] .
مضر , الحمراء , خندف , وكان منها فرع قمعة بن خندف , ومنهم خزاعة على احد الاقوال , او لعله جزء من خزاعة , سكن العراق , ومدركة بن خندف , سكن منه بنو اسد وجزء كبير من كنانة وقريش في العراق أيضا . وهي قبائل مترددة بين الاستيطان والحركة , ولكنها للاستيطان اقرب , حتى استقرت في العراق بالتدريج . وقد كان لمعركة كربلاء واستشهاد الحسين بن علي سبط رسول الله دوراً بارزاً في تشديد ارتباطها بالعراق .
اما قبائل طابخة بن خندف مثل تميم والرباب وضبة ومزينة فكانت علاقتها بالعراق مترددة لقربها وتداخلها مع قبائل قيس عيلان النجدية الأعرابية .
ولقد كان المؤلفة قلوبهم بالمال من قبل رسول الله محمد في الحجاز وإقليم نجد وساحل الخليج من قبائل مضر وقيس عيلان : أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشي المضري , حويطب بن عبد العزى العامري القرشي المضري , الحارث بن هشام المخزومي القرشي المضري , صفوان بن أمية الجمحي القرشي المضري , سعيد بن يربوع المخزومي القرشي المضري , سهيل بن عمرو العامري القرشي المضري , يعلى بن أمية الحنظلي التميمي المضري , عيينة بن حصن الفزاري القيسي المضري , علقمة بن علاثة الكلابي القيسي المضري , العلاء بن حارثة الثقفي القيسي المضري , العباس بن مرداس السلمي القيسي المضري , مالك بن عوف النصري القيسي المضري (قائد المشركين يوم حنين) .
فيما كانت من قبائل (ربيعة) قبيلة العراق الأشهر (بكر بن وائل) تستميت في الدفاع عن حق (علي بن ابي طالب) ومنهجه . وموطنها في جنوب ذي قار حيث مدينة (الناصرية) الحالية , ويمتد أعرابها الى الصحراء الممتدة بين العراق و (نجد) , تجاورها من الغرب في (السماوة) قبيلة (كلب) , حيث كان (علي) يجعل عليهما من يجبي صدقاتهما معاً احيانا[17] , ومن الجنوب قبائل (قيس عيلان) و (عمرو بن تميم) , ومن الشرق أنباط العراق الموالي , ومن الشمال (ربيعة) .
وفِي الجنوب العراقي التاريخي كان من قبائل (ربيعة) ايضاً قبيلة (عبد القيس) -التي هي اصل البحرين والأحساء والقطيف وجزء كبير من البصرة الْيَوْمَ[18] – , في اخلاص منقطع النظير ل(علي) . وكانت تحيط بهم قبائل (تميم) و(ضبة) و(أزد عُمان) و(قيس عيلان) .
ومن قبائل (ربيعة) كانت القبيلة المتذبذبة بسبب حركتها في الأعراب (عنزة) , والتي تزوج (علي) منها[19] ليأتلفها , والتي تسبب تذبذبها وكونها أعرابية في شأن مستقبلي مختلف . وكان ب(صفّين) من (عنزة) أربعة آلاف رجل عليهم تروس الجلد , والذين وجهتهم (ربيعة) مع بعض القبائل لكسر طوق أهل الشام عن جيش (علي) , بعد ان أرسل اليهم (الأشتر) يحثهم , ففر أهل الشام كاليعافير. لكنّ رجال (عنزة) هؤلاء كانوا اول من خرج على (علي) , حين خرج (الأشعث) بكتاب التحكيم بين صفوف أهل الشام وأهل العراق , حتى مر برايات (عنزة) , فقال (معدان) و (جعد) العنزيان , فتيان اخوان منهم “لا حكم الا لله” , ثم حملا على أهل الشام بسيوفهما , حتى قُتلا على باب رواق (معاوية) , ثم فعل فعلهم بعض أفراد قبيلة (مراد) بقيادة (صالح بن شقيق) , ثم بعض قبيلة (بني راسب) من (ازد شنوءة) العُمانية , ثم بعض قبيلة (بني تميم) الخليجية الساحلية بقيادة (عروة بن أدية) . ومن الواضح ان هذه القبائل تشترك في البداوة , وكونها من الفئة التي عرفت الإسلام ولم تعرف (علي) بعد , وقد احتاج بعضها الى سنين طويلة والى دم (الحسين) للانتقال من المستوى الإسلامي الابتدائي الخام الى مستوى معرفة الإمامة[20]. حتى ان احد زعماء بعض قبيلة (تميم) كان من الذين يثبطون الناس عن (علي) في الكوفة , أثناء حربه ضد (معاوية) , الى جانب (أبي موسى الاشعري)[21] .
اما قبيلة (تميم) فقد كانت مواطنها تمتد في البصرة التاريخية , تشاركها فيها (الازد) , وهذا ما وجده (عتبة بن غزوان) حين جاءها[22] , في المركز الحالي لمدينة البصرة العراقية حيث عشيرة زعيم قبيلة (تميم) (الأحنف بن قيس) وهم (بنو سعد) , وعندهم قبر (طلحة بن عبيد الله) الْيَوْمَ , وبدو(تميم) بقيادة ابي (الفرزدق غالب بن صعصعة) في بادية (كاظمة) اَي الكويت الحالية , وأعرابها من (بني عمرو) و(بني حنظلة) عند شمال وشمال شرق (نجد) , وكانت بعض عشائرها في الكوفة . وكانت على ثلاثة فئات , فئة تعرف مقام (علي بن ابي طالب) وحقه , بقيادة (مالك بن نويرة) الشهيد , وقد تمت إبادة قادة هذه الفئة على يد (خالد بن الوليد) . وفئة تعرف حق (علي) في الوصية ولم تعرف مقامه في الإمامة الا بعد حين , مثل (بني سعد) الذين اعتزلوا الناس في وقعة (الجمل) ولم يشاركوا اَي من الطرفين , شكاً في ان يكون ل(طلحة) و(الزبير) مقام من الدين كما يكون ل(علي) فيكونون قد نصروا على مسلم , حتى ان (طلحة) قد دُفن بارضهم , الا انهم كانوا اول من أجابوا (علياً) في (صفّين) حتى قبل قبيلة (ربيعة) , بعد ان خاطبهم امير (تميم) (الأحنف بن قيس) الا يخذلوا حق الوصي , واحتج عليهم شاعرهم (معاوية بن صعصعة) ابن اخ (الأحنف) بما ل(علي بن ابي طالب) من مرتبة ومناقب في الإسلام[23]. وفئة ثالثة أعرابية تقطن شمال (نجد) وغرب الكويت الحالي من بني (عمرو بن تميم) كانوا يشبهون (بني ضبة) ويحالفونهم , لم يفقهوا مقام (علي) لبداوتهم , وكان من السهل خداعهم بشعارات (طلحة) و(الزبير) ومقام أزواج النبي . وقد كان قسم كبير من بني (تميم) انصاراً اشداء ل(علي بن ابي طالب) بعد واقعة الحكمينِ وخروج الخوارج وبدء غارات أهل الشام .
ومن أصحاب (علي بن ابي طالب) منهم (الأحنف بن قيس) سيد (تميم) , متكلم شاعر خطيب, من سادات التابعين يضرب بحلمه المثل , أدرك (محمداً) النبي وأسلم قومه بإشارته, وكان متمتعاً بخصال الخير العربية والإنسانية , كان من تلامذة أمير المؤمنين (علي) و(عبد اللّه بن مسعود), قال يوماً في مجلس (معاوية) بعد سبّ رجاله ل(علي بن ابي طالب) ( إنّ هذا القائل ما قال لو يعلم أنّ رضاك في لعن الأنبياء والمرسلين لما توقف من لعنهم, فاتق اللّه, ودع عنك علياً , فقد لقي ربه بأحسن ما عمل عامل, واللّه المبرز في سبقه الطاهر في خلقه الميمون النقيبة, العظيم المصيبة, أعلم العلماء, وأحلم الحلماء, وأفضل الفضلاء, ووصيّ خير الأنبياء )[24] . وقد ذكر الشيخ (الطوسي) ولده (يزيد بن الأحنف بن قيس) في رجاله[25] .
ومن (تميم) ايضاً (جارية بن قدامة بن مالك التميمي السعدي) , صحابي , شاعر فارس شجاع محدّث ثقة صادق , صاحب السرايا والألوية والخيل يوم (صفّين). وجهه أمير المؤمنين إلى أهل (نجران) عند ارتدادهم عن الإسلام , وروى عنه أهل (المدينة) وأهل البصرة , قدم على (معاوية) فقال له ( هل أنت إلا نحلة, قال: لا تقل فقد شبهتني بها حامية اللسعة حلوة البصاق, واللّه ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب, وما أمية إلا تصغير أَمَة )[26]. وكان على رأس من جاء الى (علي) ناصراً له من أهل البصرة بعد حكم الحكمين وخروج الخوارج والتوجه الثاني لقتال أهل الشام[27] . ارسله أمير المؤمنين (علي) الى جانب (وهب بن مسعود) لمواجهة غارات (بسر بن ارطأة) الدموية الأعرابية على الحجاز واليمن , فدخل البصرة والحجاز واليمن و(نجران) , وكان (بسر) يهرب أمامه الى (اليمامة = الرياض) وغيرها من بلاد الأعراب حتى أخرجه (جارية) من اعمال (علي) كلها , وتبعه حتى اتى مكة , وكان أمير المؤمنين علي قد استشهد , فطلب البيعة له من الناس , فسألوه مَن يبايعون بعد رحيله ؟ , فطلب منهم مبايعة من يبايعه أصحاب (علي) . فبايعوا (الحسن) بأمره . ثم اتى (المدينة) و (أبو هريرة) يصلي بالناس فهرب منه , فقال جارية ” لو وجدت (أبا سنور) لقتلته ” , معرّضاً ببراغماتية (ابي هريرة) ثم من أهل (المدينة) مبايعة (الحسن بن علي) . فبايعوه , ثم عاد إلى الكوفة[28] .
ومن (تميم) كذلك (معقل بن قيس الرياحي) , صحابي شارك في فتح بلاد فارس , وكان من أمراء جيش (علي) وعلى شرطته يوم (الجمل) رغم انعزال اغلب (تميم) حينها عن القتال , قُتل في مبارزة مع الخوارج[29] .
ومنهم كذلك (حارثة بن ثور – بدر- بن حصين التميمي الغداني) تابعي فارس , وله أخبار في الفتوح وقصة , وكان مستشار زعيم (تميم) (الاحنف بن قيس) , قاتل الخوارج فهزموه بنهر (تيري) وغرق ومن معه[30].
ومنهم ايضاً (خباب بن الأرت بن جندلة التميمي الخُزاعي) المتوفى 37 ه. صحابي, أسلم راغباً وهاجر طائعا, وعاش مجاهدا. شهد (صفّين) و(النهروان), ولقد كان من المعذّبين, فقد كانت قريش توقد له النيران وتسحبه عليها , ولم يعط الكفار ما سألوه , وهو أول من دفن بظهر الكوفة من الصحابة, وصلّى عليه أمير المؤمنين , وخلّف (عبد اللّه) , وكان قديم الإسلام او ربما سادس ستة, وكان فاضلاً من المهاجرين الأولين , وله في الصحاح أحاديث[31].
ومنهم (خليفة بن حصين بن قيس التميمي المنقري) محدّث ثقة. ولد على عهد النبيّ , وقد ولى رسول اللّه جده (قيس بن عاصم) صدقات قومه , وشهد (بدراً) و(أحداً), وذكره (عبيد اللّه بن أبي رافع) في تسمية من شهد مع (علي بن ابي طالب) من أصحاب الرسول.[32]
وكذلك (عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي) فارس, شاعر, اشترك في حرب (صفّين), وأعقب (محمداً), وجعله أمير المؤمنين على قبيلة (تميم) في الكوفة ب(صفّين), وكان يومئذ سيد (مضر) من أهل الكوفة, فتقدم بأصحابه وقال ” يا قوم إنّي أتبع آثار (أبي الطفيل) وتتبعون آثار كنانة ” , فتقدم برايته وهو يقول: قد ضاربت في حربها (تميم) … دين قويم, وهوى سليم[33].
ومن (تميم) (الأصبغ بن نباتة المجاشعي الدارمي) , قام في (صفّين) فقال ل(علي) ” يا أمير المؤمنين انك جعلتني على شرطة (الخميس) , وقدمتني في الثقة دون الناس –أو فقدمني في البقية من الناس- فإنك لا تفقد لي اليوم صبراً ولا نصرا , اما أهل الشام فقد هدّهم ما أصبنا منهم , واما نحن ففينا بعض البقية ائذن لي فأتقدم ” , فقال (علي) (( تقدم باسم الله والبركة )) , فتقدم واخذ الراية ومضى بها ورجع , وكان شيخاً ناسكاً عابدا , وكان من ذخائر (علي) وممن بايعه على الموت , وكان من فرسان أهل العراق , وكان (علي) يضن به على الحرب والقتال[34] , وهو اول من كتب كتاباً باسم “مقتل الحسين” , ومن كتبه ايضاً “عهد أمير المؤمنين لمالك الأشتر” , و”وصيته إلى (محمد بن الحنفية)[35] , وكان من أوثق عشرة عند (علي)[36] .
ومنهم (محرز بن شهاب السعدي التميمي) , من مقدمي أصحاب (علي) , كان موصوفاً بالشجاعة وجودة الرأي , قتله (معاوية) بعد أن قبض عليه (زياد بن ابيه) في الكوفة مع (حجر بن عدي)[37] , قام الى (علي) بعد الحكمين وخروج الخوارج فقال ” يا أمير المؤمنين شيعتك كقلب رجل واحد في الاجماع على نصرتك والجد في جهاد عدوك , فابشر بالنصر , وسر بنا إلى أي الفريقين أحببت , فانّا شيعتك الذين نرجو في طاعتك وجهاد من خالفك صالح الثواب , ونخاف في خذلانك والتخلف عنك شدة الوبال “[38] .
ومنهم ايضاً الصحابي (زياد بن حنظلة التميمي) , بعثه رسول اللّه إلى (قيس بن عاصم) و(الزبرقان بن بدر) ليتعاونوا على (مسيلمة) و (طليحة) و (الأسود) , وكان أميراً في وقعة (اليرموك) , انقطع إلى أمير المؤمنين (علي) , وشهد معه مشاهده كلها ,. وله شعر كثير في المعاجم[39].
ومن الواضح ان أمراء الشيعة لم يشتركوا ويقودوا الجيوش الإسلامية سوى ضد الدول المستكبرة كفارس والروم , لأنها شكلت خطراً على وجود الامة الإسلامية .
كذلك (أبو الفرزدق غالب بن صعصعة بن ناجية الدارمي المجاشعي التميمي) جواد, صحابي, كان من سراة قومه, وسيد بادية (تميم), وله مناقب وأخبار مشهورة, ومحامد مأثورة , وكان أبوه (صعصعة) من الصحابة, وكان في الجاهلية يفتدي الموؤدات – يعني البنات اللواتي كانوا يدفنونهن أحياء- وقد أحيى ثلاثمائة وستين موؤدة, اشترى كل واحدة منهن بناقتين عشراوين وجمل, ووعده رسول اللّه أن يؤجر عليها حيث أسلم , ولقي الإمام (علي بن ابي طالب) بالبصرة عام 36 هجرية , ودخل عليه ومعه ابنه (الفرزدق همام) , فمدحه علي ومدح سيرته في افتداء المؤودات وإعطاء الناس , وطلب اليه أن يعلّم ابنه القرآن , فحفظه (الفرزدق) بعد ذلك بإصرار , مات نحو سنة 40 ه, ودفن في (كاظمة[40]) وقد أشار إلى هذا الفرزدق في قوله (وناجية الخير والأقرعان* * * وقبر بكاظمة المورد)[41] . وهو امر يكشف حدود العراق التاريخي التي كانت تصل الى اليمن .
ومن شرفاء (دارم) من (تميم) (مالك بن حري بن ضمرة التميمي النهشلي) المقتول 37 ه, فارس شجاع شاعر, كان معه يوم (صفّين) لواء (بني حنظلة) , قُتل في (صفّين), اخوه وابوه شعراء , جده (ضمرة) كان سيداً ضخم الشرف, وكانوا من خير بيوت بني دارم[42] . وهم قوم الفرزدق , ومنه يُعرف مدى تشيع هذا البيت في العرب .
ومن (تميم) الشهيد المظلوم (مالك بن نويرة بن جَمرة التميمي اليربوعي) , أسلم وولاه رسول الله صدقات قومه (بني يربوع) , وكان من كبار بني (تميم) وبني يربوع , وصاحب شرف رفيع وأريحية عالية بين العرب , حتى ضرب به المثل في الشجاعة والكرم والمبادرة[43] , وكانت له الكلمة النافذة في قبيلته , أسلم ورجع إلى قبيلته وأعطاهم فكرة عن جوهر هذا الدين الجديد , فأسلموا على يديه جميعاً ولم يتخلف منهم رجل واحد , نال منزلة رفيعة لدى النبي , واختص بأمير المؤمنين (علي) , وأخلص له نهاية الإخلاص , ولم يبايع (أبا بكر) , وأنكر عليه أشد الإنكار , وعاتبه بقوله له ” أربِع على ضلعك , والزم قعر بيتك , واستغفر لذنبك , وردّ الحق إلى أهله , أما تستحي أن تقوم في مقام أقام الله ورسوله فيه غيرك , وما تزال يوم الغدير حجة , ولا معذرة ” , وامتنع عن دفع الزكاة إليه , وقام بإعادة الأموال إلى أصحابها من قومه .
ومنهم (نافع بن الأسود بن قطبة بن مالك التميمي) فارس, شاعر, كان ب(صفّين) , ويكنّى أيضا ب(أبي محمد الأسيدي) , شهد فتوح العراق, ونظم الشعر الكثير في (صفّين), ومنه قوله ” ألا أبلغا عنّي (علياً) تحية * فقد قبل الصمّاء لما استقلت , بنى قبة الإسلام بعد انهدامها * وقامت عليه قصرة فاستقرت , كأنّ نبياً جاءنا حين هدمها * بما سنّ فيها بعد ما قد أبرت “[44].
ومن (تميم) المرأة الفاضلة المتكلمة (جروة بنت مرة بن غالب) النجيبة , قال لها (معاوية) ” للّه أنت فما قولك في علي بن ابي طالب ؟ ” فقالت ” جاز واللّه في الشرف حداً لا يوصف, وغاية لا تُعرف “[45] .
ويمكن الإقرار ان أصحاب (علي بن أبي طالب) كانوا جميعاً من السادات والنجباء والفرسان وأهل الرأي والإيمان والبيان والثبات والجنان , عرفاء قومهم ونجباء مصرهم وحماة ديارهم وأوعية الحكمة والحكم وظهير الصالحين وانصار النبيين , وأن القبائل السبئية كانت اقرب للحق العَلَوي لقربها من الارتكاز العقلي العراقي , وأن القبائل التي فيها تردد وتذبذب في معرفة (علي) هي التي كانت تقطن جنوب البصرة باتجاه اليمن , من (تميم) الكبرى و(الازد) , فيما كانت (تميم) و (أزد) السواد في العراق المعاصر اقرب لمعرفته ونصرته .
ولا غرابة حين نعلم أن ابن تيمية (تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ النُّمَيْرِيُّ الْحَرَّانِيُّ) الناصبي من ذرية قبائل قيس عيلان النجدية أيضاً التي هاجرت إلى حران في جنوب تركيا الحالية . كما ان محمد بن عبد الوهاب الذي صار داعياً الى دين ابن تيمية في العصر الحديث كان من تميم نجد .
وفي معركة (البويب) في السنة الثالثة عشر للهجرة جاء جيش الفرس بقيادة (مهران) ، فالتئمت القبائل العربية النصرانية – مع مواليها من الانباط – بقيادة (المثنى بن حارثة الشيباني) ، يؤازره نصارى (نمر) بقيادة (أنس بن هلال النمري) ، و نصارى (تغلب) بقيادة (ابن مردي الفهري التغلبي) . وفي معركة (الجسر) قاتل نصارى (ابو زبيد الطائي) الشاعر ، وكان نصرانيا . وفي فتح (تكريت) حضرت (تغلب) و (أياد) و (نمر) . وهي القبائل ذاتها التي يدعي المدعون ان خالد بن الوليد قاتلها عند دخوله للعراق[46] ، ولا تستقيم الروايتان . وكانت هذه القبائل هي التي انتحلت عقيدة التشيع ل(علي بن ابي طالب) ، وهي ذاتها من فتح العراق بعيداً عن مرويات سيف بن عمر الكاذبة الذي لم ينسَ ان يجعل لقومه من بني تميم حصة كبيرة من فتح العراق حتى انه جعل عفو جيوش المسلمين عن قبيلة كلب في حروب فتح العراق بسبب حلفها الجاهلي مع بني تميم[47] ، اذ كانت أراضي تميم من البصرة الى قطر ، واراضي كلب من السماوة باتجاه نجد ، فهمًا قبيلتان متجاورتان تقريبا ، واراضي اسد من النجف وكربلاء باتجاه الصحراء الى نجد تواجه القادم من الجزيرة العربية[48] .
إن (سيف بن عمر التميمي) كان المصدر الوحيد ايضاً لقصة (عبد الله بن سبأ) , وهو رجل معلوم الكذب , ومقطوع بأنه وضّاع . حيث قال فيه أصحاب التراجم ورؤوس أهل الحديث : (يحيى بن معين) : ضعيف . وقال : فَلْس خير منه. و (المزي) : ضعيف الحديث. و (ابن حبان) عن (محمد بن عبد الله بن نمير) : كان (سيف) يضع الحديث، وكان قد اتهم بالزندقة. و (أبو زرعة الرازي) : ضعيف الحديث. و (أبو داود السجستاني) : ليس بشيء . و (أبو حاتم الرازي) : متروك الحديث . منكر الحديث. و (الترمذي) : مجهول. و (النسائي) : ضعيف. و (العقيلي) : ضعيف. و (ابن السكن) : ضعيف. و (ابن حبان) : اتهم بالزندقة، يروي الموضوعات عن الأثبات. و (ابن الجوزي) : … هذا حديث موضوع بلا شك، وفيه جماعة مجروحون، وأشدهم في ذلك: (سيف) ، و(سعد) ، وكلاهما متهم بوضع الحديث. و (السيوطي) : (سيف) و (سعد) وضّاعان. و (الدارقطني) : ضعيف .. متروك . و (الحاكم) : ساقط في رواية الحديث. و (أبو نعيم الأصبهاني) : (سيف بن عمر الضبي الكوفي) متهم في دينه، مرمي بالزندقة، ساقط الحديث، لا شيء.[49]
وقد كان واضحاً ان الرواة الذين رووا معركة القادسية ادخلوا اليمانية ، الذين أوضحنا سابقاً انهم أهل العراق ، في أهل اليمن . وفِي الحقيقة ان عمر بن الخطاب خيّر الجيوش التي شاركت في معركة اليرموك بين العراق والشام بعد ان رفضوا امتثال أمره في النفرة جميعاً الى العراق ، فاختار أهل العراق من النخع ومذحج القادسية واختار أهل اليمن الشام ، وهذا كان واضحاً من سياق الاحداث . فذهب عمر حينئذ الى النخع ومجدهم بقوله (ان الشرف فيكم يا معشر النخع لمتربع) ، فجعلهم قسمين ، قسم أبقاه في الشام وقسم سيّره الى العراق ، وهو امر صعب لا تقوم به الا قبيلة ذات باس وعقيدة صلبة ، كذلك هو يكشف عن حاجة عمر بن الخطاب الشديدة اليهم ، فهو يعلم حقيقة تشيعهم ولم يكن من السهل عليه ان يمدح من يتشيع ل(علي بن ابي طالب) . وكانت النخع تفزع بذراريها ونسائها ، وهو امر ظل فيهم حتى العصور المتأخرة قبل ان توطنهم الدولة العثمانية ليسهل عليها كسر همتهم . وقد كان يمانية أهل العراق ثلاثة ارباع الجيش الذي سيره عمر من المدينة الى القادسية ، وسائر الناس بربع . ليجتمع عددهم مع عدد ربيعة وأسد اللتين كانت قبائلهما تمتد بين العراق ونجد وإليهما فزعت القبائل ، فكانوا جميعاً عدة الجيش الإسلامي في القادسية ، فامتدت هذه الجيوش بين ارض بكر بن وائل من ربيعة حيث معسكر المثنى بن حارثة الشيباني وعدي بن حاتم الطائي على طيء معه وبين ارض بني اسد حيث معسكر سعد بن ابي وقاص . كذلك تذكر الروايات بعض من برز انهم كانوا من عقيل . وهي كما هو واضح قبائل الشيعة صريحة . حتى ان الديلم – وهم اجداد البويهيين – قد اشتركوا في هذه المعركة ضد الفرس ، الامر الذي يثبت انتماءهم السومري , لذلك اشترك الفرس في القضاء دولة الديلم لاحقاً مع جيش الترك الذي ارسله بنو العباس[50] . وكانت هذه القبائل عمود جيش القادسية ضد الفرس ، انضمت اليهم سرايا من قبيلة كندة لاحقا .
كذلك كانت هناك قبيلة تميم التي انضمت اليها بعض قبائل الاعراب في نجد مثل الرباب وقيس عيلان ، لكن بعدد محدود جدا . وقد كانت هذه القبائل المضرية تريد حماية العراق وترفض امر عمر بالنزوع الى الشام ، رغم محاولة عمر استمالتها عن طريق الاستفزاز القبلي ، في محاولة منه للتغيير الديموغرافي الذي عجز عن تنفيذه في العراق ونجح فيه العثمانيون لاحقا ، فهو امر غريب ان تظل هذه الرغبة في تغيير وجه وخارطة العراق لقرون بين السلطات . الا ان الجهد كله انصب على قبيلة ربيعة التي اطلق عليها العرب يومئذ لقب (الأسد) في قبال لقب امبراطورية فارس الأسد أيضا . لهذا لم يوّلِ عمر من زعماء هذه القبائل احد على سرايا ورايات وعرافات جيش القادسية ، رغم ان فيهم أبناء الشرف والمنعة والإسلام أمثال عدي بن حاتم الطائي ، لانه اتهمهم بالتآمر على قوى الانقلاب التي جاءت بأبي بكر وبه ، ورغم ان محور جيش القادسية قائم على هذه القبائل . الا انه اضطر ان يولي سلمان الفارسي على دين الناس فقط ، لعلم عمر بجدلية العقل العراقي الديني ، وانه لن يستقيم له معهم الا رجل كسلمان عالي الرتبة في المعرفة الدينية ، فوّلاه لحاجته لأهل العراق . فجند عمر الذين بعثهم مع سعد بن ابي وقاص من خارج العراق كانوا اعراباً تقوم حياتهم على السلب والنهب ، حتى ان سعداً سرّحهم الى جنوب الفرات الى ميسان فسلبوا أبقار الناس وثيرانهم بلا وجه حق وارعبوهم ، وهذا احد اهم أسباب خوف أهل السواد من قوى الانقلاب . والغريب المستهجن ان هذا الأمير العمري سعد بن ابي وقاص لم تكن له أية بطولة في معركة القادسية ولا بعدها من ملاحقة فلول الفرس الهاربة ولا نعرف لماذا اختاره عمر ، وهو الذي نام والنَّاس تتطاحن في يوم الكتائب في القادسية دون توقف ، ولا ندري اَي قائد في التاريخ كان بمثل حاله ، حتى ان القبائل جميعاً تمردت عليه ليلة الهرير لضعفه وقلة حيلته وبطئ رأيه ، فخرجت تحمل ولم تنتظر أمره ، ومن ثم هو لم يكن له اَي دور في معركة القادسية سوى اسم في سجلات التاريخ الزائفة . حتى ان الفرس حين قصدوا سعداً في معسكر غضى لم يمنعهم الا قبائل تميم العراق ان يأتوه من سواد البصرة . فقد كان جيش الخلافة الذي أتى مع سعد مشغولاً بنهب ثروات العراق ، التي انبهر بها الى الحد الذي سمّوا تلك الأيام باسمها ، فيوم الأبقار ويوم الحيتان (السمك) ، والتي كانوا ينهبونها من مزارعي سواد العراق ، بقيادة الأمراء العمريين الجدد مثل سواد بن مالك صاحب اول سرية لسعد .
وقد كانت النخع تتحرك بأثقالها مع الجيش الإسلامي في معارك التحرير من الجيوش الأجنبية بين الشام والعراق مع خالد بن الوليد وابي عبيدة وسعد بن ابي وقاص . واذا تجاوزنا قصة القعقاع بن عمر التميمي المختلقة من سيف بن عمر التميمي ، فإن النخع هي اول قبيلة حملت ليلة الهرير . وهؤلاء الأبطال من أهل العراق هم الذين وصفهم سعد في كتابه لعمر بن الخطاب بقوله (كان يدوون بالقران اذا جن عليهم الليل دوي النحل وهم آساد الناس لا يشبههم الأسود) ، وهم ذاتهم من صاروا شيعة ل(علي بن ابي طالب) ، فكان احرى بالوصف ان يبقى معهم .
انّ القبائل العربية النصرانية – ذات البعد المدني الحضاري – لم يكن اَهلها ليكونوا امّعات في قضية اغتصاب فريق ابي بكر للخلافة دون استحقاق ، لذلك يبدو انّ الكثير منها قد خرج اَهلها على جهة ابي بكر . ولم تكن الصلاة والعبادات الفردية هي من ترمز عند ابي بكر للخروج عن سلطانه ، بل منع الزكاة والخمس هما ما يشيران للخليفة انه مرفوض من قبل هذه القبائل ، باعتبار انّ جبايتها من وظائف السلطان . فامتنعت معظم هذه القبائل عن ايصالها لابي بكر ، الذي اشاع انّ ذلك كان (ردّة) من تلك القبائل عن دين الله ، او ما تم لاحقاً تسميته بالردّة وقد كان لا يعرف بهذا في حينه ، وهذا ما زمّر له المؤرخون العمريون والأمويون ، تماشياً مع مؤامرة اغتصاب الخلافة وسرقة الدين . لذلك امتنعت (كلب) بقيادة (وديعة الكلبي) عن إيصال الزكاة الى مقرّ الخلافة ، وكذلك فعل (أكيدر بن عبد الملك) صاحب (دومة الجندل) ، الذي التجأ الى الحيرة ، وانضم الى قبائل (كلب) و (بهراء) و (الضجاعم) و بعض (غسَّان) و (تنوخ) ، التي واجهت جيش (عياض بن غنم) و (خالد بن الوليد) ، الذين كانوا يفعلون فعل الجاهلية في الأسرى يطلقون حلفاء الجاهلية ويضربون رأس غيرهم ، بحسب سيف بن عمر ، فيما يفترض ان قتالهم عقائدي لا قبلي[51] . فيما تضطرب اخبار الرواة العرب عن موقف (بني تميم) ، لان الراوي لهذه القصص هو (سيف بن عمر التميمي) ، ويبدو الشكّ أمراً منطقياً تجاه القصة التي يرويها هؤلاء المؤرخون عن المتنبئة (سجاح التميمية) ، التي قالوا انها اسلمت لاحقاً وحسن إسلامها ، في تصوير لتميم بنحو من سذاجة العقول ، التي توهم قارئ تلك الأخبار انّ هذه المرأة كانت تلعب بهم على هواها ! ، وكأنّ هذه القبائل كانت تريد ديناً للعب ، او انها خلت من العقلاء ، وما ذاك الّا من لعب اقلام بني أمية حتما .
ومن اخطر الأمثلة على الاقلام المشبوهة كان (سيف بن عمر التميمي) الوضّاع الكبير ، الذي وثّقه بعض رجالات الدين الأموي ، ففي فتح العراق اجمعت روايات (عمر بن شبه) و (الواقدي) و (هشام بن الكلبي) – وهم من كبار المؤرخين عند القوم – انّ المسلمين في طريقهم الى (الحيرة) – التي جعلوها هدفاً – لم يجدوا مقاومة ولا عرقلة ، الّا شيء من بعض حاميات الفرس تذكره بعض الروايات ، لكنّ (سيف بن عمر) وحده انفرد بادّعاء انّ الفرس حشروا الى جانبهم (عرب الضاحية) ، وهم الذين يقيمون على حافات البوادي والارياف ، وكان منهم بعض (بكر بن وائل) ، فقُتلوا ، مما دفع (بكر) الى الاستنجاد بالفرس لأخذ ثأر قتلاها ، ولا ارى ذلك الّا من موضوعات (سيف) ضد كل فئة خرجت على بني أمية او الدين العمري . فسيف يعود للانفراد مرّة اخرى في روايته عن دخول المسلمين (الحيرة) ، حيث يجمع (هشام بن الكلبي) و (ابن إسحاق) انّ أهل الحيرة ومنهم (عمرو بن عبد المسيح) قد خرجوا للمسلمين سلماً وصالحوهم على الجزية ، واتفقوا على ان يكونوا عوناً وعيناً لهم على الفرس ، لكنّ (سيف) وحده يذكر انّ قتالاً نشب بين الجانبين ، وانّ خالد بن الوليد خطب فيهم وذكّرهم بعروبتهم وبالعدل الذي جاء به المسلمون ! ، في غفلة من (سيف) عن جور (خالد) ونزقه المعروفين في كلّ ارض وطئها . و (سيف) هذا ذاته من انفرد باتهام (أياد) انها خرجت الى ارض الروم فطالب عمر بإخراجها كما ذكرنا سابقا ، في هوى قبلي عند (سيف) لتصوير (أياد) بوجه من اسلم إكراها . ولم تكن خطب خالد سوى تذكير بالدنيا ودعوة للسلب والنهب والاستعانة بمفاهيم الغزو الجاهلية ، كما في خطبته لغزو بلاد فارس يوم الولجة[52] . وما ذلك الا لان أبا بكر وخالد بن الوليد كانوا يسرقون العراق عمليا ، ولهذا أجمعت قبائل العراق النصرانية – او اجمع أبو بكر وخالد – على قتالهم[53] ، حسب روايات سيف بن عمر . اذ انها لو صدقت لكانت جرائم ضد الإنسانية . فكيف جاز مقاتلة نصارى العراق وهم أهل الأرض وأصحاب كتاب ، وقد شارك قسم كبير منهم في نصرة الجيوش الإسلامية ضد الفرس . الا اننا لو قبلنا بروايات سيف بن عمر فعلياً لكان أهل العراق أصحاب الحق في رفضهم لجيوش ابي بكر وقتالهم لامرائه ، فهذه الجيوش لم تحدثهم عن الإسلام ، ولم تحاججهم به ، ولم يكن قادتها من مسلمة الفتح وما بعد الفتح مؤهلين لذلك ، بل دعوهم الى عنوان الإسلام دون بيان لغرض ان يرفضوا فيقتلونهم ويسلبون ثرواتهم ويسبون نساءهم ، وهذا ما جرى . ولهذا انطلق أبو بكر فرحاً الى قريش يبشرهم بسلب خالد لامغيشيا ، رغم ان خالداً دمّر هذه الحاضرة ، بعد ان لم يجد فيها أحداً وقد تفرق أهلها في القرى[54] .
وكان (عمر) يختزن عداءه لأضخم الشخصيات الإسلامية ، ومن الغريب ان يختار عمر كبار الشخصيات الإسلامية لمهاجمتها . ثم كان عمر وأبو بكر في دائرة مغلقة مع بشير بن سعد الذي كان يسير الأحداث بما يضر إرادة سعد بن عبادة . ورفض سعد بن عبادة سيد الأنصار و(علي بن ابي طالب) سيد المهاجرين بل المسلمين ورفض قبائل العراق الكبرى لخلافة ابي بكر دليل دامغ على بطلان تلك الخلافة . لا سيما ان سعد بن عبادة اعتبر الشعائر والمناسك التي يأتيها هؤلاء الانقلابيون باطلة ، واعتزلهم ، فهذا إفتاء ببطلان مناسكهم . وقد نسبوا ان سعداً إنما أراد الخلافة له وللانصار ، وهذا خلاف موقفه وموقف ولده قيس من نصرة (علي بن ابي طالب) دون ابي بكر ، وعدم سعي سعد في الاستفادة المادية من الاحداث اذا كان هو كما زعموا طالباً للإمارة . الا ان كل تلك المزاعم رويت عن الوضاع الكذاب سيف بن عمر التميمي [55] .
ومن احداث القتال على التأويل الجريمة السياسية الاخرى التي امر بها (ابو بكر) ، واقدم عليها (خالد بن الوليد) قائد جيشه ، كانت في ذبح فرع (بني تميم) الذي يقوده (مالك بن نويرة) . ومالك هذا جاء وصفه (رجلاً سريا نبيلاً يردف الملوك ، فارساً شريفاً شجاعاً مطاعاً في قومه) . وقد جاء بوفد (يربوع) قومه الى رسول الله ، فولّاه الرسول صدقات قومه ، لما كان له من تلك الصفات العالية . لكنّه رفض أيضاً خلافة ابي بكر ، فامتنع عن دفع المال اليه ، وعلى ما يبدو من الجملة التاريخية انّ ابن نويرة كان ينتظر رأي (علي بن ابي طالب) في المسألة ، لما علمه من النبي في شأن حقه بالخلافة بعده. وعند انتهاء يوم (بزاخة) كان جيش يقوده خالد بن الوليد فيه بعض الانصار قريباً من ديار مالك بن نويرة ، فأراد خالد ان يقدم على اجتياح قوم مالك ، فرفض الانصار ذلك ، وقالوا لخالد انّ ابا بكر لم يعهد اليهم بهذا ، فأجابهم خالد انّ الامر اليه وهو الامير من قبل ابي بكر . فخرج الى مالك بجمع من قريش ، فوجد انّ مالك بن نويرة لم يجمع جيشاً لقتال ، وانه قد فرّق الناس في ديارهم – وربما كان ذلك بعد وصول رأي علي لتشابه الموقفين – ، لكنّ خالداً بثّ السرايا ، وأمرهم برفع الاذان ، ويبدو انّ قوم مالك أجابوا اختبار خالد وابي بكر هذا إيجاباً ، وهذا واضح من اضطراب روايات التاريخ الرسمي ، التي تدّعي انّ العساكر الذين قبضوا على مالك اختلفوا في إقرارهم امام خالد في انّ قوم مالك أجابوا الاذان ام لا ، ومن ذلك نعلم مدى مطاوعة مالك لهذه السرايا – تجنباً للفتنة – الى الدرجة التي جعلت مؤرخي الخلافة يضطربون في كذبهم ، حتى جاءوا بمالك بن نويرة بقوة السلاح . ورغم شهادة (ابي قتادة الأنصاري) بأنّ القوم أجابوه باسلامهم ، وصلّوا الى جانبهم ، الّا انّ خالداً ابى الأخذ بشهادة ابي قتادة . فامر خالد بحبسهم ، ومن ثم قتلهم . الّا انّ المؤرخين الرسميين حاولوا اختلاق عذر لخالد السفّاح هذا ، فقالوا انه إنما قال (دافئوا القوم) ، وكان الحرس من بني كنانة ، وهذه العبارة في لغتهم تعني (القتل) ، فقتلوهم !!! . لكنّ هذا العذر كان أقبح من فعل ، فأبو قتادة اقسم الّا يقاتل تحت لواء خالد بن الوليد بعد هذه المجزرة ، بعد ان اتهم خالداً بقتلهم غيلة وبغيا ، فنهره خالد ، فعاد ابو قتادة الى ابي بكر ، وأخبره بالقصة ، وبما جرى من قسمه ، لكنّ الغريب المستهجن والمتوقع انّ ابا بكر غضب من ابي قتادة ، وهدده ، واصرّ على قتاله تحت راية خالد ، مما يكشف عن قتل هؤلاء المسلمين الشرفاء المظلومين بأمر من ابي بكر ذاته ، لأسباب سياسية . والاسوأ من ذلك كله انّ خالد بن الوليد تزوج (ام تميم ابنة المنهال) زوجة مالك بن نويرة ، في الليلة التي قتله فيها ، ولم يجعل ذلك ابا بكر يغضب ولا استثاره ، رغم انّ عمر بن الخطاب حذّره ونبهه من طغيان خالد هذا وطلب ان يُرجم بالحجارة، فقد يعود على خطتهم بعواقب عكسية ، لكنّ ابا بكر اجاب عمر : (هيه يا عمر ، تأوّل فأخطأ ، فارفع لسانك عن خالد …) . وقد فعلها خالد مع مجاعة زعيم بني حنيفة رهط مسيلمة حين صالحهم وقد خدعوه اذ فرض على مجاعة بالاكراه ان يزوجه ابنته فرضخ تحت حد السيف . فكتب اليه أبو بكر وعمر يقولان انك لفارغ تنكح النساء وبفناء بيتك دم الف ومائتي رجل من المسلمين لم يجفف بعد[56] . اذ ابقى خالد بن الوليد شخصاً واحداً من اهل اليمامة كلها هو مجاعة بن مرارة ليتزوج ابنته غصباً لاحقا , وقد وضعه الى جنب ام تميم زوجة مالك بن نويرة التي قتل زوجها وبنى بها في نفس الليلة مما يكشف عن كونها أسيرة كذلك , رغم اتفاق القوم في عاصمة الخلافة على اسلام زوجها وان خالداً اخطأ . ثم اطلق سراح مجاعة بعد ان تعهد له بالمال والسلاح والمزارع وابنته أكيدا , وكان زواج خالد من بنت مجاعة واجساد المسلمين لازالت حارة . وقد هرب خالد في بعض فتوحات العراق راجعاً الى مكة سراً تاركاً الجيش بلا قائد نظري , فعنّفه أبو بكر على ذلك الاحراج للسلطة وارسله الى الشام عنوة , واوجد له الكتّاب عذراً بالقول انه أراد الحج خفية , وما خالد والحج لا نعلم . رغم ان خالداً اسرف في قتل اهل العراق صبراً حتى نهاه أصحابه من هول ما رأوا من ذبح الاسرى ليوم وليلة[57] .
الّا انّ الملفت في قضية نزوه على زوجة مالك هو قول عمر لابي بكر عن خالد (عدوُّ الله عدا على امرؤٍ مسلم فقتله ، ثمّ نزا على امرأته) ، فهنا يقرّ الخليفة الثاني بإسلام مالك بن نويرة ، فكيف جاز للخليفة الاول قتله ! . بل الاغرب ان عمر بن الخطاب لم يقم على خالد بن الوليد الحد بعد خلافته ، بل اكتفى بأن قاسمه على نصف ماله فتنازل خالد لعمر عن نصف ما يملك من الثروة التي جمعها من قتل الناس وسلب اموالهم[58]. والأبشع ان القوم جعلوا رؤوس الضحايا اثافى القدور وأحرقوها بالنار [59]. وكيف كان فليس لرجل نصراني مثل مالك بن نويرة ترك دينه طواعية واتى مسلماً الى النبي ان يكفر بالله بمجرد رحيله . لهذا تعهد الصحابي أبو قناة الا يكلم خالد ولا يشهد معه مشهداً بعد ذلك . وقد أدى أبو بكر دية مالك الى أهله ، فكيف جاز قتله ثم ديته اذا لم يكن رجلاً مسلما ، واذا كان مسلماً كيف استحل خالد زوجته ، اذا كان كل هذا غير جائز في شرع الله كيف لم يقم أبو بكر الحد على خالد . وقد أقام كتّاب السلطة الاعذار لخالد فيما فعل ونزى ، فلم تقم ، لسماجتها وقلة إنصافها وأمانتها ووضوح عدوانه[60] .
ومن الملفت ان المؤلفة قلوبهم يوم الجعرانة حازوا في الإسلام ما لم يحزه اجلاء الصحابة الذين دفعوا الأذى عن رسول الله من الأنصار والمهاجرين الأوائل . فأبو سفيان وولده يزيد ومعاوية أقطعتهم خلافة الثلاثة الشام ، ثم صاروا الخلفاء بالملك العضوض على رقاب المسلمين . وحكيم بن حزام جعلوا ولادته في جوف الكعبة ، وقد شارك في دفن عثمان بن عفان ليلا ، ومات وهو من أغنى المسلمين[61] . والعلاء بن جارية الثقفي صار ولده الأسود وحفيده محمد بن ابي سفيان بن العلاء من رواة الامة الموثقين عند العامة . والحارث بن هشام المخزومي – اخو ابي جهل – تزوج عمر ابنته ام حكيم ، وذهب في قريش الشام [62] ، وتزوج معاوية بن ابي سفيان ابنة ابنه عبد الرحمن ، الذي زوجه عثمان بن عفان ابنته ، وزوجه كذلك الزبير بن العوام بنت أسماء بنت ابي بكر ، وقد خرج في الجمل مع عائشة ضد علي[63] . وصفوان بن امية – الذي كانت اليه الأزلام في الجاهلية ايضاً – فقد جعله عمر بن الخطاب احد أمراء جيش المسلمين في اليرموك ، وأقطعه معاوية قطيعة حين قدم عليه[64] ، وقد قتل ابوه امية بن خلف يوم بدر كافرا ، وقتل عمه ابي بن خلف يوم احد كافرا ، ومات اخوه ربيعة بن امية في بلاد الروم مرتدا ، وقتل ابن ابنه عبد الله مع ابن الزبير[65] . وسهيل بن عمرو ايضاً من أمراء جيش عمر الى اليرموك ، وكان ابنه عبد الله من أمراء جيش ابي بكر . وحويطب بن عبد العزى بن ابي قيس جعله عمر على إعادة أنصاب الحرم في خلافته ، وكان ممن شهد دفن عثمان بن عفان[66] . والأقرع بن حابس التميمي أقطعه أبو بكر مع عيينة قطيعة ، وكان من أمراء جيشه وفِي مقدمة خالد بن الوليد الى العراق ، وعلى جيش خراسان في زمن عثمان ، اذ مضى الأقرع فشهد مع شرحبيل بن حسنة دومة الجندَل، وشهد مع خالد حرب أهل العراق وفيه الأنبار[67]. ومالك بن عوف النصري جعله عمر مع سعد بن ابي وقاص على جيش القادسية[68] ، وما سدّا مسدّاً حسناً لولا بني اسد والنخع ، بل لم يشترك في القتال حينها الا هاتين القبيلتان فعليا . ومخرمة بن نوفل بن اهيب هو احد الطلقاء ، وكان رسول الله يقول عنه اذا رَآه (بئس اخو العشيرة)[69] ، تزوج أخت متمول الانقلابيين عبد الرحمن بن عوف ، فولدت ولده المسور بن مخرمة ، الذي تزوج ابنة شرحبيل بن حسنة احد قادة الانقلابيين ، وتزوج ايضاً ابنة الزبرقان بن بدر احد رجال عمر بن الخطاب ، وكان المسور احد اهم أذرع عبد الله بن الزبير ، لهذا لا غرابة ان يكون المسور هو الراوي قصة خطبة علي لابنة ابي جهل[70] . وعمير بن وهب الجمحي ، ولي ابنه وهب بن عُمير إمارة البحر اخر خلافة عمر وبداية خلافة عثمان ، رغم انه فر يوم بدر كافرا ونعلاه في يديه[71] . وسعيد بن بربوع بن عنكثة احد المشيخة القرشيين الذين جعل عمر يستشيرهم مع حكيم بن حزام ومخرمة بن نوفل ، وكلهم من مسلمة الفتح الطلقاء المؤلفة قلوبهم بالمال ، واحد الذين جعل لهم عمر إعادة أنصاب الحرم ، وكان يعوده اذا مرض ويهاديه[72] . ويبدو ان رسول الله تألفهم بمال ثان بعثه اليه (علي بن ابي طالب)[73] . لكنّ هؤلاء العتاة الشرهين لم يمل قلبهم سوى الى الطمع وانتهاك حرمة الدين والثراء على حساب الفقراء ، فيبني معاوية قصره في الشام ايّام عثمان باشد البذخ ، فيوبّخه الصحابي الجلي الذي تربى في مدرسة الحق المحمدية والزهد العلوية بعد ان احتج عليه انه اما خائن او مسرف ، فيكتب فيه معاوية لعثمان الخليفة بانه افسد الشام ، وما الفساد برأيهم الا الحق ، فيأمر عثمان بحمله على قتب بغير وطاء الى المدينة إجهاداً له[74] .
وقد ابتلي (علي بن ابي طالب) بثلاثة أنواع من الناس ، مؤمنين لا يعرفونه ، قاتلهم في الجمل ، ومنافقين من خلفهم الكافرون قاتلهم في صفين ، ومؤمنين جهلة قاتلهم في النهروان . اذ خاطب هذا الصنف الأخير من الخوارج، وقد خرج إلى معسكرهم وهم مقيمون على إنكار الحكومة: (أكلكم شهد معنا صفين؟ فقالوا: منا من شهد ومنا من لم يشهد. قال: فامتازوا فرقتين، فليكن من شهد صفين فرقة، ومن لم يشهدها فرقة، حتى أكلم كل منكم بكلامه، ونادى الناس، فقال: أمسكوا عن الكلام، وانصتوا لقولي، وأقبلوا بأفئدتكم إلى، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها. ثم كلمهم بكلام طويل، من جملته أن قال : ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة وغيلة، ومكرا وخديعة: إخواننا وأهل دعوتنا، استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه، فالرأي القبول منهم، والتنفيس عنهم. فقلت لكم: هذا أمر ظاهره إيمان، وباطنه عدوان، وأوله رحمة، وآخره ندامة. فأقيموا على شأنكم، والزموا طريقتكم، وعضوا على الجهاد بنواجذكم، ولا تلتفتوا إلى ناعق نعق، إن أجيب أضل، وإن ترك ذل. وقد كانت هذه الفعلة وقد رأيتكم أعطيتموها. والله لئن أبيتها ما وجبت على فريضتها، ولا حملني الله ذنبا، ووالله إن جئتها إني للمحق الذي يتبع، وإن الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته، فلقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه، وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والاخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا إيمانا ومضيا على الحق، وتسليما للامر، وصبرا على مضض الجراح… ولكنا إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الاسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوعاج، والشبهة والتأويل، فإذا طمعنا في خصلة يلم الله بها شعثنا، ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا، رغبنا فيها، وأمسكنا عما سواها)[75] .
ومن هؤلاء (مسعر بن فدكي التميمي) الذي جعله علي على قراء الكوفة ، ذكره الطبري في تاريخه وقال: جعله الإمام علي () على قراء أهل البصرة. وذكره الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل: بأنه روى عن عطية العوفي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مكتوب على باب الجنة… لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي.
وروى هذا الحديث ابن عساكر . والصحيح هو ما ذكره المؤرخون كنصر بن مزاحم في وقعة صفين: في حديث عمر بن سعد قال: لما رفع أهل الشام المصاحف على الرماح يدعون إلى حكم القرآن قال علي (): عباد الله إني أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكن معاوية وعمرو بن العاص… إني اعرف بهم منكم، صحبتهم أطفالا وصحبتهم رجالا، فكانوا شر أطفال وشر رجال، إنها كلمة حق يراد بها باطل… فجاءه زهاء عشرين ألفا مقنعين في الحديد شاكي السلاح، سيوفهم على عواتقهم وقد اسودت جباههم من السجود، يتقدمهم مسعر بن فدكي وزيد بن حصين وعصابة من القرّاء الذين صاروا خوارج من بعد[76] . وعن (ابي كثير الزبيدي الكوفي الأنصاري) قال: (كنت مع سيدي، (علي بن ابي طالب)، حين قتل أهل النهروان، فكأنّ الناس وجدوا في أنفسهم من قتلهم. فقال عليّ: يا أيّها الناس إنّ رسول اللّه – صلّى اللّه عليه و آله و سلّم – قد حدّثني : ان ناساً يخرجون من الدّين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه أبدا ، و إنّ آية ذلك أنّ فيهم رجلا أسود، مخدج اليد، إحدى يديه كثدي المرأة لها حلمة كحلمة المرأة، حولها سبع هلبات، فالتمسوه فإنّي لا أراه الا فيهم. فوجدوه على شفير النهر تحت القتلى، فقال: صدق اللّه و رسوله، وفرح الناس حين رأوه واستبشروا وذهب عنهم ما كانوا يجدون)[77] .
وحين اجتمعت سذاجة دين الخوارج وجهل بعض أعراب تميم ودنيوية الأشعث بن قيس اتفقوا جميعاً على قتل علي في الكوفة ، في المِحْراب ، بين يدي الله ، اذ لم يمكنوا من قتله في ساحة الحرب ، ففعلوا على يد عبد الرحمن بن ملجم ، بالاتفاق مع اثنين من تميم ، ومعونة الأشعث داخل الكوفة[78] . لتنعم بنو أمية بالدنيا ، وقد ذلّ أبناء الأشعث على أيديهم. وليتشرد الخوارج ويقتلون على يد جيوش بني أمية ، وينتشر الفسق الأموي ، ولتخرس تميم مكانتها لأهل الشام . رغم هجرة بني تميم والكثير من القبائل العدنانية باتجاه شمال العراق التاريخي لاحقا , الامر الذي غيّر بعض المعالم الاجتماعية والقبلية حينها . لذلك نجد القاضي أبا الفتح عبد الواحد الامدي التميمي شمالاً في امد في زمن الحمدانيين – وهم مع ال ورقاء من العدنانيين أيضا – يجمع كتاب غرر الحكم ودرر الكلم من كلام (علي بن ابي طالب)[79] .
وقد سبقهم الى ذلك أبو هُريرة ، الذي حين دخل جارية بن قدامة السعدي المدينة باحثاً عن سرية بسر التي بعثها معاوية لقتل المؤمنين في الحجاز واليمن في اخر عهد علي ، وجده يصلي بالناس ، بلا امر من خليفة ، غافلاً عن حال الامة ورجالاتها في العراق والشام ، ومتغافلاً ان أهل المدينة من الأنصار قد خرجوا جميعا عنها ، فطلبه جارية فهرب ، فقال جارية : لو وجدت أبا سنور لقتلته[80] . كأنما هو يعلم تماماً ما أسس له أبو هُريرة من دين الدنيا . وكانت مكة والمدينة قد فرغت من أهلها اذ ذاك ، ولم تعودا تضمان سوى بعض أبناء الأنصار وبعض أبناء القرشيين ، حيث انتقل اغلب الأنصار الى العراق[81] ، والكثيرون من قريش الى الشام . وقد نقلهم معاوية بن ابي سفيان لاحقاً الى امصار مختلفة مع بقاء نسبة منهم في العراق عند بدأ مشروع التغيير الديموغرافي الذي استهدف جميع أنصار (علي بن ابي طالب) في العراق ، حين أخرجهم الى أقاليم بعيدة وجاء بغرباء اسكنهم العراق[82] . لذلك استخلف بسر بن ارطأة جزّار معاوية وامير غاراته على المدينة أبا هُريرة والياً عليها ، باسم معاوية بن ابي سفيان ، لما يعلم من دنيويته وخضوعه لعالم المادة ، ورغم وجود أجَلَّ الصحابة (علي بن ابي طالب) خليفة للمسلمين وحربه مع معاوية . من هنا كان أبو هُريرة الراوي الأول لكتب السنة ، ومن هنا نعلم ما عليه تلك الكتب من حال ردي ، وكيف كتبت ، ونستشف كذلك الغاية من كتابتها .
ومثلهم ذو العقل الدنيوي (شبث بن ربعي التميمي) الذي ينصح علياً بتولية معاوية شيئاً من الإمارة ليأتلفه ، ظاناً انه إنما يقاتل على الدنيا او بسياسة من قبله ، ولا يعي عظمة دين علي . وكان شبث هو من يقود فئة بني تميم التي ساعدت أبا موسى الاشعري في تثبيط الناس عن نصرة (علي بن ابي طالب) , وقد ردوا على خطبة عمار بن ياسر الذي كانوا يدعوا الى حق علي , فيما تولى بث بن ربعي الرد على زيد بن صوحان الذي غضب من خذلان القوم للحق العلوي[83] . ثم يثير معاوية الذي وصف ابن ربعي بالأعرابي ، وهذه الصفة احد أسباب التذبذب في شخصيته ، وهي التي جعلته في فئة الاعراب في حروب (الردة) الذين لا هم مع الثوار على ابي بكر ولا في جيش قادة الانقلاب[84] . لذلك قتل من بعد هذا الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة لصالح بني أمية[85] . ويبدو ان الخصائص الأعرابية التي اشتمل عليها شبث بن ربعي قد اشترك فيها مع عشرات الآلاف في جيش (علي بن ابي طالب) ، باعتبار ان جيشه ذو صفة رسمية يشتمل على فئات متعددة في الامة باعتباره الخليفة . وهؤلاء الآلاف هم الذين أصبحوا فئة (الخوارج) ، حيث فرضوا على علي إيقاف القتال ، ثم القبول بالتحكيم ، وقد عارضهم علي ، لكنهم اصروا ، فرشح لهم ابن عباس والاشتر أطرافاً في التحكيم ، فرفضوا ، وفرضوا عليه أبا موسى الأشعري ، الذي كان قومه اغلب في جيش معاوية وكان هواه في عبد الله بن عمر ، وهو الذي خذّل الناس عن علي ، ثم طلبوا الى علي ان يقول بكفر من قبل التحكيم ويتوب . فهذه الفئة كانت من السذاجة ان تتذبذب عقائدهم كما تذبذبت مواقفهم . فاساس عقيدتهم تولي الشيخين والبراءة من الصهرين فيتولون عثمان إلى حين وقوع الاحداث ويتولون عليا إلى حين وقوع التحكيم وهم القراء الذين كانوا في صفين وقد اسودت جباههم من طول السجود . وكان على رأسهم (ذو الخويصرة حرقوص بن زهير) احد أعراب بني تميم ، الذي اعترض على النبي في حياته وقال له : اعدل . ورغم إصرار علي على نقاشهم والحوار معهم الا انهم كانوا في الغالب اجهل من ان يستوعبوا لغة علي او احتجاج ابن عباس . ومع هذا فعلي يعلم انهم فئة مؤمنة ، لكنها ضمن مستوى ابتدائي من الإيمان ، لا يرقى للوعي بعد ، على خلاف مكرة أهل الشام . فحاول طويلاً معهم ، وحاوروهم هو ورجاله من الصحابة كثيرا ، حتى رجع منهم معه ألفان ، ثم ستة آلاف أقنعهم بالتورية حقناً لدمائهم ، وقد كانوا جميعاً اثني عشرة ألفا . حتى الجأه الأشعث بن قيس الى ضرورة التصريح ضدهم في محضر لا يحتمل التلميح . فكان الامر كما أشار ابن ابي الحديد يعود في شره أولاً وأخيراً الى سوء عمل الأشعث . حتى نشب القتال ووقعت النهروان حيث حصرهم علي بجيشه وهزمهم . وقد نهى عن قتالهم بعده . ففي حين كان الحزب القرشي يقاتل على السلطة ، كان علي يقاتل على المعرفة . ودنيوية الاشعث بن قيس تجلت في اول يوم دخل فيه وقومه على رسول الله ، عليهم السلاح والحرير والكحل ، يفاخرونه ، فنهاهم النبي عن مثل ذلك وقد اسلموا[86] .
لقد كان الخوارج خليطاً من الأعراب[87] والموالي وأهل العبادة لا المعرفة ، وكانت قيادتهم في الغالب من تميم ، وهي القبيلة التي كانت منقسمة في ولائها بين الكوفة والبصرة ، بين المدنية والبداوة . بالإضافة الى مجاميع ممن يُؤْمِن إيماناً عاماً بالدِّين ولا يفهم تفاصيله . ورغم انهم كسروا جيش علي بجهلهم ، الا ان خروجهم كان نافعا في عدة قضايا ، منها فتح حوار عقائدي داخلي في جبهة علي بين من يعرف مقامه كإمام مفترض الطاعة وبين من يحترمه كخليفة مفترض الطاعة ، وكذلك لنبذ تلك المجاميع غير الواعية . والاهم ان هذه المجاميع كانت تساوي بين علي وبين ابي بكر وعمر ، وترى انهم على مرتبة واحدة ، فكان من الضروري فك الارتباط بين رؤيتهم ورؤى غيرهم . وقد كان بيان الواقع لسلوكهم وتطبيقات فكرهم أمراً لا يتسنى لعلي كشفه لو كانوا داخل جيشه ، ولا يمكن له منع نشر فكرهم اذا ما انتصر على معاوية ورجعوا جميعاً الى الكوفة ، ومن ثم ستكون الامة منقسمة الى قسمين كلاهما يدعي انه الطريق الى الآخرة ، وليس كما كان بنو أمية يتعاملون على انهم الطريق الى الدنيا . فكان انعزال الخوارج وقتلهم للابرياء من المسلمين بدعوى شرك من لم يكن معهم كافياً في إيضاح جهلهم للناس[88] .
وروى نصر بسنده عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ع قال لما أراد الناس عليا أن يضع حكمين قال لهم ان معاوية لم يكن ليضع أحدا هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص وانه لا يصلح للقرشي الا مثله فعليكم بعبد الله بن عباس فارموه به فان عمرو لا يعقد عقدة الا حلها عبد الله ولا يحل عقدة الا عقدها ولا يبرم أمرا الا نقضه ولا ينقض أمرا الا أبرمه فقال الأشعث لا والله لا يحكم فينا مضريان حتى تقوم الساعة ولكن اجعله رجلا من أهل اليمن إذ جعلوا رجلا من مضر فقال علي ع اني أخاف أن يخدع يمنيكم فان عمرو ليس من الله في شئ إذا كان له في أمر هواه فقال الأشعث والله لأن يحكما ببعض ما نكره واحدهما من أهل اليمن أحب إلينا من أن تكون ما نحب في حكمهما وهما مضريان وذكر الشعبي مثل ذلك. أقول: ليس العجب من الأشعث إذا ظهرت ذات نفسه لعلي ع وجابهه بهذا القول في الأشتر وتمسك بهذه الاعذار الواهية في اختيار أبي موسى لأن الأشعث كان منطويا على غش أمير المؤمنين ع ورأى اختلاف الكلمة أظهر ذات نفسه وجابه بما جابه به ولكن العجب من القراء أهل الجباه السود من طول السجود وأهل البلادة والجمود الذين لا يزال أمثالهم بلاء على الأمة الاسلامية إلى اليوم كيف يقولون لعلي ع ما نبالي كنت أنت أو ابن عباس لا نريد الا رجلا هو منك ومن معاوية سواء ولا يقولون لمعاوية ما نبالي كنت أنت أو عمرو لا نريد الا رجلا هو منك ومن علي سواء. ومن الذين جاءوا بعد ذلك فلم يشاؤوا أن ينظروا إلى الأمور الا من وراء غشاء فقالوا إن كل ما جرى من الفئة الباغية كان عن حسن نية واجتهاد قال المؤلف:
– داء لعمرك أعيا الطبيب * والمتطبب – – إن كان هذا اجتهادا * فليس في الأرض مذنب – وجاء الأشتر فقال يا أمير المؤمنين أرني عمرو بن العاص فوالله الذي لا اله الا هو لئن ملأت عيني منه لأقتلنه وجاء الأحنف بن قيس التميمي فقال يا أمير المؤمنين انك قد رميت بحجر الأرض ومن حارب الله ورسوله وأنف الاسلام واني قد عجمت هذا الرجل يعني أبا موسى وحلبت أشطره فوجدته كليل الشفرة قريب القعر وانه رجل يماني وقومه مع معاوية وانه لا يصلح لهؤلاء القوم الا رجل يدنو منهم حتى يكون في أكفهم ويتباعد منهم حتى يكون بمنزلة النجم فان شئت أن تجعلني حكما فاجعلني وإن قلت اني لست من أصحاب رسول الله ص فابعث رجلا من أصحابه غير عبد الله بن قيس واجعلني ثانيا أو ثالثا فإنه لا يعقد عقدة الا حللتها ولن يحل عقدة الا عقدتها وعقدت لك أخرى أشد منها فعرض ذلك على الناس فأبوه وقالوا لا يكون الا أبا موسى وفي رواية إن القوم اتوني بعبد الله بن قيس مبرنسا فقالوا ابعث هذا فقد رضينا به والله بالغ امره. قال علي ع قد أبيتم الا أبا موسى قالوا نعم قال فاصنعوا ما أردتم فبعثوا إلى أبي موسى وكان معتزلا بأرض من ارض الشام يقال لها عرض فاتاه مولى له فقال إن الناس اصطلحوا قال الحمد لله قال وقد جعلوك حكما قال إنا لله وإنا إليه راجعون فجاء أبو موسى حتى دخل عسكر علي ع.
كتاب الصلح قال نصر: لما رضي أهل الشام بعمرو بن العاص وأهل العراق بأبي موسى أخذوا في كتاب الموادعة ورضوا بالحكم حكم القرآن فكتبوا: هذا ما تقاضي عليه علي أمير المؤمنين فقال معاوية بئس الرجل انا إن أقررت أنه أمير المؤمنين ثم قاتلته وقال عمرو للكاتب اكتب اسمه واسم أبيه انما هو أميركم واما أميرنا فلا فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه فقال له الأحنف لا تمح اسم امرة المؤمنين عنك فاني أتخوف إن محوتها أن لا ترجع إليك لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا فابى مليا من النهار أن يمحوها ثم جاء الأشعث بن قيس فقال امح هذا الاسم فقال علي لا إله إلا الله والله أكبر سنة سنة اما والله لعلى يدي دار هذا الأمر يوم الحديبية حين كتبت الكتاب عن رسول الله ص: هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله ص وسهيل بن عمرو فقال سهيل لو اعلم انك رسول الله لم أقاتلك اني إذا ظلمتك إن منعتك أن تطوف ببيت الله وأنت رسول الله ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال محمد ص يا علي اني لرسول الله واني لمحمد بن عبد الله ولن يمحو عني الرسالة كتابي إليهم من محمد بن عبد الله فراجعني المشركون فاليوم اكتبها إلى أبنائهم كما كتبها رسول الله ص إلى آبائهم سنة ومثلا فقال عمرو بن العاصسبحان الله شبهتنا بالكفار ونحن مؤمنون فقال له علي ع يا ابن النابغة ومتى لم تكن للكافرين وليا وللمسلمين عدوا فقام عمرو فقال والله لا يجمع بيني وبينك مجلس ابدا بعد هذا اليوم فقال علي اما والله اني لأرجو أن يظهر الله عليك وعلى أصحابك)[89] .
والامر كما هو واضح ناتج عن بلوغ الابتلاء من هذه الجماعات التي كانت على شفا برزخ المنطقة بين الدنيوية والتدين ، او التي كانت على المستوى الابتدائي من وعي الدين والإسلام ، حداً كشف ما في باطن نفوسهم ، فكان هو الاستسلام للدنيا وخدعها صراحة .
ورغم كل هذه الحروب والمنازعات ، كان هناك امر إيجابي حاسم في التاريخ الإيماني ، حيث خرج الكثير من النواصب وضعيفو الإيمان وأهل الدنيا عن العراق . اذ ان من بالكوفة والبصرة من العثمانية قد هربوا فنزلوا الجزيرة في سلطان معاوية[90] . كما انتقل جزء كبير ممن كان قد شارك في الجمل ضد الإمام الشرعي (علي بن ابي طالب) الى صفه عند معركة صفين ، لا سيما من ازد البصرة تحت قيادة صبرة بن شيمان الازدي ، ومن تميم والرباب[91] . الامر الذي سمح لهم بلقاء وجوه الصحابة والتابعين ، والاحتكاك بالفكر الكوفي ، كما سمح لهم بمعرفة علي بصورة مباشرة ، الامر الذي سيكون كفيلاً بتغيير القناعات والأفكار تجاه مفهوم الإمامة .
وممن راسل الحسين بن علي كانت هناك فئة سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد البجلي وحبيب بن مظاهر الاسدي وعبد الله بن وال , وهم بين شهيد مع الحسين في طف كربلاء او شهيد في ثورة التوابين ثأراً لمقتل الحسين . وكانوا في الغالب من القبائل المحيطة بالكوفة ومن شيعة (علي بن ابي طالب) فكراً وعقيدة . فيما كانت هناك فئة من زعماء القبائل او الوجوه الاجتماعية استجابت للضغط الشعبي المناصر للحسين وراءت الناس في مراسلته , على رأسهم شبث بن ربعي التميمي وحجار بن ابجر ويزيد بن الحارث بن رويم و وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير بن عطارد , وكل هؤلاء قاتل الحسين لاحقاً وغدر به , وليس لهم تاريخ عقائدي مع ابيه , بل جل علاقتهم ب(علي بن ابي طالب) كانت سياسية باعتباره رئيساً للدولة , وكانوا اقرب الى قبائل إقليم البصرة من بني تميم وشيبان . ولم تلتقِ كتب الفئتين ابداً . لهذا من التجني خلط أوراق الحزبين والإساءة لزعماء الكوفة الذين استشهدوا مع الحسين . فقد كان الملفت ذهاب الكتب الى الحسين بتوقيع الفئة الأولى مشتركة بمعزل عن الثانية , وذهاب كتب الثانية الى الحسين مشتركة بمعزل عن الفئة الأولى[92] .
وقد ظلت قبائل كبيرة في مدينة مثل البصرة – التاريخية حتى عُمان – ناصبية الى زمن الامام جعفر بن محمد الصادق ابن حفيد الحسين[93] . الا ان هناك تطوراً نسبياً في قبيلة بصرية مثل تميم حين دعاهم الحسين الى نصرته[94] .
واجتمع للحسين انصار وشيعة قبل دخوله العراق من الحجاز وجنوب البصرة لكنهم تفرقوا باذن الحسين عند جنوب العراق وحدود السماوة بعد ان اعلمهم بقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وان الأمور في الكوفة لم تستقم له[95] . وهذا يكشف انهم انما تبعوه لاسباب غير معرفتهم بالامامة العقائدية , وانما لاحترامهم لمقامه الإسلامي العام وصلاحه الذاتي او رفضاً منهم لسلوك بني امية , ومن ثم هم لم يكونوا شيعة بالمعنى العقائدي . ومثال ذلك الحر بن يزيد التميمي وجيشه , فهم دليل على ان القوم كانوا من الفئة الاولية للاسلام وانهم في طاعة الدولة الاسلامية لكنهم يعرفون مقام الحسين بن علي الكريم في الامة , وهذا ما جعلهم يصلّون بصلاته رغم انهم رسل اعدائه من البيت الاموي[96] . وحال الحر التميمي واشراف الكوفة الذين استمالهم ابن زياد بمال الدولة والسلطة وميل قلوب الناس الى الحسين وسيوفهم عليه يكشف عدم تشيعهم ولكنهم يعرفون فضل اهل البيت ويدركون سوء بني امية[97] .
لكنّ الحسين كانت وظيفته في كربلاء ليس الموت وانما بثّ الحياة من جديد , فكان يخطب في معسكر اعدائه لزرع روح الثورة وبيان مفاسد السلطة الحاكمة وانها لا عهد لها ولا شرف , فكان يبذر بذرة الثورة بين تلك القبائل التي جاءت لقتاله من حيث لا تشعر او تشعر . فكانت كلماته تهدف لما هو ابعد من كربلاء , لكنها آتت اكلها حتى في كربلاء ذاتها , فجاءه الحر بن يزيد الرياحي التميمي ويزيد بن مهاصر الكندي تائبين ثائرين ضد معسكرهما وهما من القادة , ويظهر من مقالة الحر لعمر بن سعد انه لم يكن يعي مقام الحسين العقائدي من قبل لكنّه انجذب لمقالة الحق العامة في فمه[98] . وراح بعد كربلاء من خرج ليفوز برأس الحسين مثل مسروق بن وائل الحضرمي يحدّث الناس عن كرامات اهل البيت فيها[99] . ولا شك ان وجود بعض العقائديين في جيش الحسين كان له الأثر ايضاً في إيجاد زخم معرفي يخترق جيش ابن سعد والنواصب , ومن أولئك برير بن خضير احد وجوه القبيلة ذات العقيدة العلوية همدان[100] . وقد كان هذا السريان العقائدي يتعمق اثناء سير قافلة الحسين كذلك في مناطق كانت بعيدة نسبياً عن الحواضر مثل السماوة اذ كان لهم شهيد في كربلاء هو عبد الله بن عمير الكلبي وزوجته البطلة ام وهب[101] . وكذلك وهب بن حباب الكلبي وامه ذات العقيدة الصلبة[102] . مع بقاء المناطق الخام الابعد عن الطريق الحسيني جاهلة بمقامه , فهذا ابن حوزة التميمي يرى ان الحسين بن علي مصيره الى النار ! . فيما يزيد بن معقل يباهل برير بن خضير في دلالة انه كان يظن انه على الحق , جهلا . ومع ذلك كانت المباهلة ايضاً دلالة ذهنية لجيش عمر بن سعد لمعرفة الحق[103] .
ومن مقالة منافق مثل شبث بن ربعي التميمي حين غضب لمقتل احد انصار الحسين وهو مسلم بن عوسجة نفهم ان هذه الغضبة كانت لمصره وليست عقائدية , بمعنى انه تأثر لغياب هذا الوجوه الشجاع الكريم عن العراق , ومنه نعرف ان الكثيرين كانوا في جيش عمر بن سعد عصبية لزعمائهم وقبائلهم وليس لديهم معرفة بما يجري عقائديا[104] . فشبث بن ربعي كان رجلاً قبلياً ذا حمية وعصبية اعرابية , وهذا واضح من نهيه شمر بن ذي الجوشن – الذي لم يكن يتمتع باخلاق من أي نوع – عن حرق فسطاط النساء[105] . وهو ما يجب ان ننتبه له عند قراءة مواقف الرجال للتفريق بين ما هو عقائدي وبين ما هو عصبية وحمية قبلية عربية, فشبث بن ربعي التميمي كان من الخوارج عقائديا . وقد جمع موقفه من زيد بن صوحان في الكوفة – حين كان زيد يستصرخ الناس لنصرة (علي بن ابي طالب) وكان شبث يدافع عن ابي موسى الاشعري في تثبيط الناس عن نصرة علي يوم الجمل – بين حميته القبلية وعقيدته الخارجية , اذ نادى زيداً بال (عماني) إشارة لكونه ليس من الكوفة , وفي ذات الوقت أراد ان يخرب عليهم ما يبنون من حث الناس على المسير الى البصرة[106] .
ومن توزيع رؤوس أصحاب الحسين على القبائل التي جائت مع عمر بن سعد[107] نعلم حجمها في ذلك الجيش . فالمنافسة كانت بين هوازن وتميم[108] , على اختلاف الرواية ان احداهما ذهبت بعشرين رأساً والأخرى بسبعة عشر , وهما قبيلتان اعرابيتان مضريتان , واحدة سوداء والأخرى حمراء . فيما ذهبت كندة بقيادة ال الاشعث بثلاثة عشر رأسا . وذهبت اسد ومذحج – مشتركتين – بنحو ثلاثة عشر رأسا . وباقي الناس بأقل من ثلاثة عشر رأسا . فيما كان العنوان العام للجيش الذي قاتل الحسين بن علي وحاصره وافجع المسلمين به أوضح في شعر الفضل بن العباس بن عتبة بن ابي لهب حيث عدد القبائل الرئيسة المشاركة في احد ابياته فذكر تميم وبكر والسكون وحمير[109] , وهي قبائل تشترك في جزء كبير من البداوة او انها غير عراقية أصلا .
جاء في البداية والنهاية : (وكتب إليه – الحسين بن (علي بن ابي طالب) – شبث بن ربعي ، وحجار بن أبجر ، ويزيد بن الحارث بن رويم ، وعزرة بن قيس ، وعمرو بن حجاج الزبيدي ، ومحمد بن عمير بن يحيى التميمي : أما بعد ؛ فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار وطمت الجمام ، فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند ، والسلام عليك …
ومنها (شبث بن ربعي التميمي اليربوعي , أبو عبد القدوس) , روى عن حذيفة وعلي , محمد بن كعب القرظي وسليمان التيمي قال البخاري لا يعلم لمحمد بن كعب سماع من شبث وقال مسدد عن معمر عن أبيه عن أنس قال قال شبث أنا أول من حرر الحرورية قال رجل ما في هذا مدح وقال الدارقطني يقال أنه كان مؤذن سجاح ثم أسلم بعد ذلك وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ أخرجا له سؤال فاطمة خادماً قلت وقال العجلي كان أول من أعان على قتل عثمان وأعان على قتل الحسين وبأس الرجل هو وقال الساجي فيه نظر وقال ابن الكلبي كان من أصحاب علي ثم صار الخوارج ثم تاب ورجع ثم حضر قتل الحسين وقال أبو العباس المبرد لما رجع بعض الخوارج مع ابن عباس بقي منهم أربعة آلاف يصلي بهم بن الكواء وقالوا متى كان حرب فرئيسكم شبث ثم أجمعوا على عبد الله بن وهب الراسبي وقال المدائني ولي شرطة القباع بالكوفة انتهى والقباع هو الحارث بن عبد الله [110]. وكان أحد الأشراف والفرسان وكان ممن خرج على علي وأنكر عليه التحكيم ثم تاب وأناب وحدث عن علي وحذيفة وعنه محمد بن كعب القرظي وسليمان التيمي له حديث واحد في سنن أبي داود قال الأعمش شهدت جنازة شبث فأقاموا العبيد على حدة والجواري على حدة والجمال على حدة وذكر الأصناف قال ورأيتهم ينوحون عليه ويلتدمون [111].
وفِي الكامل في التاريخ : ثم دفع زيادٌ حجر بن عدي وأصحابه إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير ابن شهاب وأمرهما أن يسيرا بهم إلى الشام فخرجوا عشية فلما بلغوا الغريين لحقهم شريح بن هانىء وأعطى وائلًا كتابًا وقال: أبلغه أمير المؤمنين فأخذه وساروا حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء عند دمشق وكانوا: حجر ابن عدي الكندي والأرقم بن عبد الله الكندي وشريك بن شداد الحضرمي وصيفي بن فسيل الشيباني وقبيصة بن ضبيعة العبسي وكريم بن عفيف الخثعمي وعاصم بن عوف البجلي وورقاء بن سمي البجلي وكدام بن حيان وعبد الرحمن بن حسان العنزيين ومحرز بن شهاب التميمي وعبد الله بن حوية السعدي التميمي فهؤلاء اثنا عشر رجلًان وأتبعهم زياد برجلين وهما: عتبة بن الأخنس من سعد بن بكر وسعد بن نمران الهمداني فتموا أربعة عشر رجلًا.فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما وأخذ كتابهما فقرأه [112].
وكان هذا الانتشار العالمي العظيم للتشيّع سبباً في ادعاء صاحب الزنج عند ثورته على العباسيين النسب الى العلويين ، رغم انه لم يكن منهم ، بل وكان في عقيدته خارجياً من الأزارقة يلعن طرفي الجمل وصفين . بدليل ان أهل البحرين الشيعة قد قاتلوه وطردوه ، فيما كانت بعض تميم في أطراف البصرة تؤويه .
وكان من الواضح جداً ان الامويين في عصرهم كانوا يستخدمون على ولاية مصر – وهي ثاني بلد أهمية بعد العراق – رجالات قريش او مواليهم , لكن في العهد العباسي كان هناك تغير واضح في ولاية الامر , اذ بدأ العباسيون باستخدام رجالات العشائر العراقية من طي وخزاعة وعجل وشيبان وتميم على هذه البلاد الغنية وهو امر يكشف بوضوح تأثير الإقليم العراقي في مجرى الاحداث حينها . وقد كانت هذه القبائل العراقية تستبطن التشيع داخلها ويسير فيها من حيث لا تشعر . بل ان امراء بني العباس صار بعضهم شيعة نظرياً او عمليا[113] .
وقد كانت قوة القرامطة ناشئة عن الاعراب الذين معهم ، وبعض من لا ركيزة حضارية ، حتى ان بني ضبة الاعراب بين البصرة وهجر الذين كانوا في جيش العباسيين الذي خرج لقتال القرامطة انهزموا لصالح هؤلاء القرامطة وكسروا جيش العباسيين ، وبنو ضبة هم من كانوا حول عائشة يقاتلون (علي بن ابي طالب) في معركة الجمل ، الامر الذي يثبت انهم ظلوا بلا عقل هاد . ان تحالف الأتراك والقرامطة ضد الفاطميين يثبت ان القضية برمتها كانت نزاعاً على الملك ، لا سيما ان هؤلاء الترك كانوا في الأصل من موالي بني بويه الشيعة الإمامية الذين حاربوا القرامطة[114] .
لقد كانت معظم حواضر نجد حول منطقة العارض تحت نفوذ بني حنيفة من بكر بن وائل الذين يشكلون الامتداد الجغرافي لإمارة ربيعة العراقية التي تبدأ من واسط (الكوت) حتى أطراف البطائح (ذي قار) حيث شيبان من بني بكر بن وائل ثم تمتد قبائلهم الأعرابية وشبه الأعرابية في البر إلى عمق نجد ومنهم بنو حنيفة وعنزة . وكانت حنيفة قبيلة شبه زراعية وشبه مستوطنة . ومنها طلع مسيلمة الكذاب حسب المنشورات العربية . كما كان منها أبو الأسود الدؤلي او واضع لقواعد النحو العربي بأمر (علي بن ابي طالب) . واليها يدعي ال سعود اليوم الانتساب . وكانت تجاورها قبائل أعرابية صريحة , منها عنزة , وتميم , وقبائل قيس عيلان من غطفان وهوازن وغيرهما . وكان بنو كلاب من قيس عيلان رهط شمر بن ذي الجوشن كانوا يسكنون اليمامة في نجد[115] وتقع داخل منطقة الرياض اليوم الى جانب بني حنيفة .
وكانت سواحل الخليج تختلف عن بيئة نجد , اذ لم تكن على الوثنية في غالبها , بل تدين بالنصرانية والأديان الإبراهيمية , وكان أهلها ملوك بلادهم , دخلوا في الإسلام طوعا , وكان جلهم من قبيلة عبد القيس من ربيعة في امتداد طبيعي لجغرافيا امتدادها في جنوب العراق حتى عمان , وكان أهلها شيعة ل(علي بن ابي طالب) . حتى خرجت القبائل التميمية والعتبية واحلافهم وبعض القبائل القيسية مثل عقيل من نجد واستولت على سواحل الامارات وقطر والبحرين والكويت . وقد كان بنو خالد بدواً يقصدون منطقة عنك من القطيف الشيعية ويرحلون في الشتاء ، لكنهم استولوا على حكمها تماشياً مع الجو السني العام الذي اوجده الحكم العثماني الشديد الطائفية ، وقد نزلوا منطقة كانت مقراً للبرتغاليين ، ثم نزل معهم العثمانيون ، ثم سكنت إلى جنبهم بدو العماير الذي كانوا يغيرون ويؤذون اهل القطيف ، وكذلك بعض قبائل سبيع القيسية .
ان الدرعية بما فيها عيينة التي ولد فيها محمد بن عبد الوهاب كانت في زمن الأمويين قاعدة للخوارج بقيادة نجدة بن عامر الحنفي من جهة الأب التميمي من جهة الام ، وفي الجبيلة منها قُتل فيها مسيلمة الكذاب وجماعته .
من ال مرخان أو آل مقرن ينتمي ناصر بن محمد المريدي تاسع حاكم للدرعية حتى الآن ، والذي قُتل في حدود ١٦٧٢م . والذي تولى بعده محمد بن مقرن المريدي ، الذي تولى بعد أن قتل ابن عمه وطبان بن ربيعة ، ثم تولى مرة أخرى بعد ناصر المريدي . ومحمد بن مقرن هو جد محمد بن سعود مؤسس الدولة السعودية . حيث تولى بعده موسى بن ربيعة المريدي الذي ثار عليه سعود بن محمد بن مقرن وأهل الدرعية ونفوه لأنه أساء فيهم حتى أنه قتل أخاه مرخان بن ربيعة خشية منافسته ، ثم تم اغتياله في العيينة ، فتولى سعود الدرعية حتى توفي ، فتولى اكبر الأسرة سناً الإمارة ، وهو زيد بن مرخان بن وطبان ، الذي حاول قتله مقرن بن محمد بن مقرن اخو سعود وتولي الإمارة في الدرعية بعد أن أمنه وأعطاه العهد والكفالة وخانها جميعا ، فقتله ابن أخيه محمد بن سعود وتولى بعد زيد الذي قتله امير العيينة محمد بن حمد بن معمر التميمي ، لتبدأ الدولة السعودية الأولى بميثاق الدرعية السعودي الوهابي بعد ظهور وتحالف محمد بن عبد الوهاب التميمي مع محمد بن سعود المريدي في ١٧٤٤م .
والدولة السعودية الأولى ضمت العيينة , التي تبنى أميرها عثمان بن حمد بن معمر التميمي الدعوة الوهابية أولاً , ولكنه أخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب بسبب ضغوط من حاكم الأحساء سليمان بن محمد آل حميد . وقد شارك أمير العيينة في حروب الدرعية وتم قتله سنة 1163هـ/1750 بعد صلاة الجمعة، وتم قتله من مؤيدين للدولة السعودية الناشئة ، وبعده عُين مشاري بن معمر وأصبحت العيينة تابعة للدولة السعودية الأولى. فيما تولى حفيده حمد بن معمر التميمي قضاء الدرعية بأمر من سعود الكبير. وفي سنة 1221هـ عيّنه رئيساً لقضاة مكة المكرمة، وصار هو العالم المشرف على قضاء مكة وتوابعها. في سنة 1225 هـ وناظر أئمة الحرم في عهد الاشراف نيابة عن دعاة الوهابية .
وكان حجيلان بن حمد العنقري التميمي المضري أمير منطقة القصيم من إمارة آل أبو عليان بايع إمارة الدرعية في بداية توليه إمارة منطقة القصيم وساهم في نشر دعوة محمد بن عبد الوهاب وحارب لأجلها حتى سقطت على يد القوات العثمانية عام 1233 هجري .
وكانت هذه الصراعات السياسية والابادات القبلية في الجزيرة العربية طريقاً سالكاً لصعود قوة جديدة تزدهر بزيادة ضعف القوى التقليدية ، ووفرت أيضاً أجواء من النقمة تصلح لانطلاق داعية جديدة بدين جديد ينفع الأعراب وغزواتهم هو (محمد بن عبد الوهاب التميمي) ، في ظل انحدار حكم الأشراف في الحجاز وانهيار حكم العقيليين في الأحساء والقطيف ، وضعف ثقافة العثمانيين الذين لا يملكون سوى التدخل العسكري الهامشي هناك والذي لم يزد الا الطين بلة بقضائه على الأسرة العقيلية وسماحه بالتالي للقبائل الأعرابية بالبروز في ظل تخلفها الحضاري والمدني . ويبدو أن (آل جبر) انتقلوا قبل وبعد ذلك بسبب تشيعهم إلى العراق باسم جديد هو (الأجود) نسبة إلى أشهر امرائهم (أجود بن زامل الجبري) والتي تكون ربما اختلطت أو نقلت معها مجموعة من قبائل (طي) التي ترجع إلى (أجود بن غزية) التي كانت تنتشر في تخوم الجزيرة العربية والتي قد تكون تحالفت معها بسبب التشيع والمدنية النسبية . وبذلك يكون التدخل التركي العثماني تسبب بخسارة مضاعفة ، حيث انهارت إمارة شبه مدنية ، وكذلك تحولت قبائل تلك الإمارة إلى حياة الترحال والهجرة البدوية[116] .
وكانت الأحداث المتتالية بين أقصى جنوب العراق وحتى أقصى جنوب (نجد) والحجاز والاحساء في العشرة الأخيرة من القرن السابع عشر الميلادي وخلال الخمسة والعشرين الأولى من القرن الثامن عشر الميلادي تسير باتجاه إضعاف جميع القوى الكلاسيكية الموجودة ، حيث الصراعات والغزوات الخارجية والداخلية بين الأتراك والأشراف وقبائل (الظفير) و (آل كثير) و (الفضول) الطائية و (بني خالد) و (تميم) و (عنزة) و (بني حرب) و (المنتفگ) وقبائل أعرابية أخرى عديدة ، وموت الزعماء المحنكين ، وانتشار الأمراض والأوبئة ، حتى أن البصرة ظلت مهجورة لعدة أعوام بعد انتشار الطاعون فيها ، والجفاف والمجاعة التي أصابت إقليم (نجد) لعدة سنين ، وكذلك شيئاً من بلاد الحجاز ، ثم العواصف والجراد . وكانت هذه الاوبئة والحروب كلما انتشرت تقضي على المزيد من التجمعات السكانية المدنية ، في العراق وفي نجد والحجاز ، فتوفر ظرفاً مثالياً للقبائل البدوية الأعرابية التي تنجو غالباً بفعل سكنها المناطق النائية الصحراوية وتباعد بيوتها وكذلك بسبب انفرادها بالهرب من المعارك الخاسرة لتدخل إلى المزيد من الأراضي الخصبة ، فانتشرت اقسام كبيرة من هذه القبائل الكثيرة في العراق بالتدريج مثل (الظفير) وفروعها مثل (بني حسين = الحسينات) وعمومتها مثل (الفضول) وجميعها قبائل طائية في جنوب العراق المستقر ورسخت في التشيع . لكنّ إبادة واختفاء اجزاء من المجتمعات القبلية والمدنية القديمة في العراق ودخول مجتمعات بدوية جديدة بسلوكها وثقافتها الشعبية احدث تبادلاً ثقافياً وسلوكياً بين تلك المجتمعات ، إذ دخلت المزيد من القبائل في التشيع والاستقرار والمدنية والزراعة ، لكن انتشرت كذلك ثقافة الغزو والقتال والتصادم[117] .
وكان داعية الوهابية (محمد بن عبد الوهاب التميمي) من نسل عائلة دينية على المذهب الحنبلي ، وكان الكثير من آبائه قضاة في مدينة (العيينة) تحت حكم (آل معمّر) . وكان أهم أساتذته هندي يقيم في الحجاز هو (محمد حياة السندي) وقد حاول نشر أفكاره في الحجاز على ما يبدو إلا أنه لم يستطع البقاء هناك في ظل دولة الأشراف ، فسافر إلى البصرة المدينة التي لم تتقبل أفكاره الأعرابية الصحراوية المتطرفة فطردته بكل صرامة ، فلجأ إلى إلى أحد شيوخ الشافعية في الأحساء في إمارة (بني خالد) إلا أنه لم يحفظ لهم هذا المعروف مستقبلا ، ثم عاد إلى (حريملة) التي تبعه بعض أهلها ثم ضاق به بعضهم ذرعاً ، لا سيما بعد مضايقته للعبيد المعتوقين ، واخرجوه إلى (عثمان آل معمر) في (العيينة) وهما من نفس القبيلة فتبعه (ابن معمر) وتحالف معه ، لولا أن هددهم امير (بني خالد) بعد هدم (ابن عبد الوهاب) لقبر (زيد بن الخطاب) ، فقام (ابن معمر) بطرده وأمر مرافقه بقتله لكنه لم يفعل ، ولا يُفهم نوع الإيمان والاعتقاد الذي كان عليه (ابن معمر) ليأمر بقتل نبي هذه الدعوة ! ، وهي عائلة سيدمرها الوهابيون لاحقاً رغم تحالفها معهم ، فلجأ (ابن عبد الوهاب) إلى (الدرعية) عند أحد مشايخها ، فشفعت له (موضي) زوجة (محمد بن سعود) عند زوجها ، فتحالفا على قتال كل قبائل العرب وأن تكون الدولة ل(ابن سعود) والمشيخة ل(ابن عبد الوهاب)
إن الدولة الوهابية السعودية الأولى تأسست على أفكار عصبية متطرفة لسلف قديم أجمعت المذاهب الإسلامية على انحرافه وسجنه هو (ابن تيمية) ، أحياها رجل غريب الأطوار مجهول الحال هو (محمد بن عبد الوهاب التميمي) درس على يد رجل دين باكستاني مجهول الأصل والارتباط هو (محمد حياة السندي) ، وقامت على ثلاثة أركان ، آلية قطع الطرق التي تناغمت مع طريقة حياة القبائل البدوية الأعرابية النجدية بنفس طويل تسبب بملل القبائل والقرى والمدن المحيطة بهم وجعلها تهادن أو تنضم لتلك الدولة حقناً لبعض الدماء والأموال ، والثروات الكبيرة التي تجمعت من عمليات السلب والنهب والجزية المفرطة التي تحصلت عليها تلك القبائل الأعرابية ، والتماهي المذهبي الذي سمح للدولة بالبقاء في ظل ضعف أو انعدام وجود مشروع مواجهة جدي من الامارات القوية المحيطة بإقليم (نجد) مثل العراق واليمن والاحساء والقطيف ، حيث حجبت الزعامات السنية لإقليم المنتفگ العراقي القوي تحت زعامة عشيرة (السعدون) وإقليم الأحساء الغني تحت زعامة قبيلة (بني خالد) أي حركة ممكنة أو جدية للقبائل والمدن الشيعية المحيطة لإجهاض المشروع الوهابي المتطرف ، لأن تلك العشائر لم تكن تستشعر الخطر الحقيقي للوجود الوهابي الذي كان يشاركها بعض أصول مذهبها ويقترب في جزء كبير من طريقة حياة الكثير من قبائلها اجتماعياً .
أما الاكثر مساهمة في تأسيس الدولة السعودية الثالثة، وإمداد الملك عبد العزيز بالمال والسلاح والجنود فهم بنو تميم ، إذ كانوا أول وجهة توجه لها الملك عبد العزيز بعد فتح الرياض , بسبب دعوة تلقاها والده عبد الرحمن آل فيصل وهو في الكويت عند ابن صباح من بني تميم في تلك الفترة على ابن رشيد . ولمعرفته بولائهم للدعوة السلفية ولأسرة آل سعود الحاكمة التي دعمت هذه الحركة منذ انطلاقتها بتحالف محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب التميمي ، فكان الولاء والانتماء للحركة السلفية والتي تأسست عليها الدولة السعودية ، بالإضافة لكون حوطة بني تميم مركز للحركة السلفية ومركز قلب لبني تميم ، وقد تم له النصر في أول مواجهة بينه وبين خصمه ابن رشيد في معركة السلمية أو ام سلم كما يسميها أهل الحوطة وانضم بعد هذه المعركة الحاسمة والتاريخية غالب قرى جنوب نجد .
وقد كانت منطقة عنيزة في القصيم وسط نجد مدداً مهماً للمدرسة الوهابية من الناحيتين العسكرية والدينية ، لأنها كانت غارقة في إدارة وسيطرة ال سبيع القيسيين , وكذلك بني تميم المضريين , ومنها خرج الكثير من رجالات الدولة السعودية والذين صاروا أيقونات لغيرهم من السلفيين في البلدان الأخرى , مثل عبد الرحمن ناصر السعدي التميمي , ومحمد بن صالح العثيمين التميمي , وعبد الله بن عبد العزيز العقيل ، كذلك منها بعض ارفع الدبلوماسيين والضباط والإداريين في الدولة السعودية .
وكان أبرز المفتين والقادة الدينيين لجماعة (اخوان من طاع الله) المسلحة الوهابية الأعرابية , مثل : عيسى بن عكاس السبيعي القيسي المضري , محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) التميمي المضري .
فيما كان أعضاء هيئة كبار العلماء السعودية – أعلى سلطة دينية رسمية في المملكة ورئيسها هو مفتي الديار السعودية – على مر تاريخها منذ التأسيس عام ١٩٧١م حتى عام ٢٠٢١م , والتي ضمت نحو ٥٠ شخصية , من هذه القبائل المضرية القيسية الأعرابية , لاسيما من (ال الشيخ) ، وكان معظم رجالها من أعراب تميم أو قيس عيلان أو أعراب أطراف القبائل القحطانية ، مثل :
(إبراهيم) بن محمد آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي المضري ، رئيس مجلس القضاء الأعلى والمشرف على الدعاة الوهابيين في المملكة والعالم ورئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ووزير العدل . وعبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي المضري ، مفتي المملكة السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء والبحوث العلمية والإفتاء . وعبد الله بن محمد آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي المضري ، رئيس مجلس الشورى ونائب رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب . ومحمد بن حسن آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي المضري ، رئيس مجمع خ(آدم) الحرمين الشريفين للحديث النبوي . ومحمد بن صالح العثيمين التميمي المضري , وهو من اهم الشخصيات التي أشرفت على تخريج دعاة الدعوة الوهابية محلياً ودوليا . وعبد الله بن عبد الرحمن الغديان التميمي المضري من جهة الأب والعتيبي القيسي المضري من جهة الام . ويعقوب الباحسين التميمي المضري . وقيس آل الشيخ مبارك التميمي المضري . وسليمان بن عبيد بن عبد الله آل عبيد السلمي التميمي المضري . وعبد السلام بن عبد الله محمد السليمان التميمي المضري من جهتي الأبوين معا , عميد المعهد العالي للقضاء . وعبد العزيز بن عبد الله بن باز , الذي يجهل هو ذاته اصل نسبه إلا أن عائلته ترعرعت في (حوطة تميم) في صحراء نجد . وعبد الله بن حسن بن قعود ، وعائلة القعود مختلف في نسبها أيضاً إلا أن عائلة هذا الشيخ ترعرعت في بلدة الحريق بين قبائل تميم . وصالح بن علي بن غصون الحميدان ، والحميدان مختلف في نسبهم أيضاً إلا أن عائلة هذا الشيخ ترعرعت في ديار بني تميم . محمد بن عبد الكريم العيسى ، وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وأمين عام رابطة العالم الإسلامي ورئيس رابطة الجامعات الإسلامية ومشرف عام على مركز الحرب الفكرية في وزارة الدفاع السعودية ورئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب ، ترعرعت العائلة في ديار بني تميم في نجد , وربما هي من نسل العيسى أبناء عم ال سعود .
وفي الكويت عثمان الخميس التميمي المضري من أكثر المتطرفين فكرياً في الكويت وتلميذ مشايخ نجد ، من ذرية عباد بن الحصين أبي جهضم من وجهاء البصرة التاريخية (بما فيها الكويت) والذي ولي شرطة البصرة أيام عبد الله بن الزبير وكان من قادة جيش مصعب بن الزبير أيام قتل المختار الثقفي وكان مع عمر بن عبيد الله بن معمر الذي تزوج قاتل الحسين سبط النبي امير بني أمية عبيد الله بن زياد ابنته ام عثمان . وجد الخميس المسور بن عباد هو من أجج الحرب الأهلية في إقليم البصرة التاريخي حين غدر ببعض بني أمية من أجل بعضهم الآخر فدخلت الازد وربيعة الحرب ضد قيس عيلان من تميم ومن تبعها .
وكان من القبائل المضرية في العراق وبلاد الشام كانت هناك عائلة عريقة التشيع ومن العوائل العلمية الدينية الشيعية التي تنتسب إلى (بني تميم) عائلة (آل الحرّ العاملي) , التي تنهي نسبها إلى الشهيد بكربلاء (الحرّ بن يربوع الرياحي التميمي) ، ولها زعامة وحركة دينية واسعة في بلاد الشام ، ومن مشاهير هذه العائلة المتنقلة بين (جبل عامل) وبين النجف الأشرف صاحب كتاب “وسائل الشيعة” الشيخ (محمد الحرّ العاملي)[118] .
وصارت صفة الاعتزال سمة مميزة للكثير من رجال الدين , حتى وصل الأمر بباحث ومؤرخ عراقي مثل (محمد علي التميمي) في خمسينات القرن العشرين أن يرى رجل الدين الحقيقي هو المنعزل المنكب على الدرس فقط[119] .
[1] تاريخ الطبري / دار الفكر / ج ٢ / ص ٢٩٠
[2] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٦٤٧ – ٦٤٨
[3] تاريخ الطبري / دار الفكر / ج ٢ / ص ٢٧٨
[4] تاريخ الطبري / دار الفكر / ج ٢ / ص ٢٧٧
[5] تاريخ ابن خلدون / دار الفكر / ج ٤ / ص 489
[6] بلاغات النساء / ابن طيفور / ص ٧٢
[7] النكت الوافية بالتعليق على المقدمة الاجرومية / د. هشام محمد حيجر / دار الكتب العلمية / ص ١١
[8] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه / ج ١ / ص ٣٠٦-٣٠٧
[9] تاريخ ابن خلدون / دار الفكر / ج ٤ / ص 599
[10] تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني / دار الكتب العلمية / ج ٥ / ص ٤٢٧
[11] وقعة صفين / المنقري / ص ٩٤
[12] البرهان في تفسير القران \ هاشم البحراني \ ج 5 \ تفسير سورة النجم
[13] تاريخ الطبري / دار الكتب العلمية / ج ٣ / ص ٥٨
[14] وقعة صفين , المنقري , ص ٢٣٢
[15] شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد / دار احياء الكتب العربية / ج ١٦ / ١٢٩-١٣١
[16]تاريخ ابن خلدون / دار الفكر / ج ٤ / ص 574
[17] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ٢ , ص ٤١٦
[18] أعيان الشيعة , ج ١ , ص ١٩٧
[19] رجال الكشي , مؤسسة النشر الإسلامي , ط ١ , ص ٧٤ , ح ٢
[20] اعيان الشيعة , ج ١ , ص ٤٩٠ – ٥١٤
[21] اعيان الشيعة , ج ١ , ص 565
[22] تاريخ الطبري , مؤسسة الاعلمي , ج ٣ , ص ٩٠
[23] اعيان الشيعة , ج ١ , ص ٤٦٦
[24] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ١ , ص ٥٥
[25] رجال الطوسي , محمد بن الحسن الطوسي , مؤسسة النشر الإسلامي , ص ٨٦
[26] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ١ , ص٩٨
[27] اعيان الشيعة , ج ١ , ص ٥٢٢
[28] اعيان الشيعة , ج ١ , ص ٥٣٠
[29] المعجم الصغير لرواة الامام محمد بن جرير الطبري , أكرم بن محمد زيادة الفالوجي الأثري , المجلد الأول , ص ٥٦٨
[30] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ١ , ص١٣٧-١٣٨
[31] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ١ , ص ١٨٦
[32] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ١ , ص ١٩٦
[33] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ٢ , ص ٤٥٦
[34] اعيان الشيعة , ج ١ , ص ٥٠٦
[35] مجلة الإصلاح الحسيني , مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية , العدد الرابع , مبحث : مقتل الأصبغ بن نباتة التميمي الكوفي اقدم المقاتل الحسينية , عامر الجابري
[36] رجال الكشي , مؤسسة النشر الإسلامي , ط ١ , ص ٦٥٥
[37] الاعلام , الزركلي , دار العلم للملايين , ج ٥ , ص ٢٨٤
[38] اعيان الشيعة , ج ١ , ص ٥٢٢
[39] الإصابة في تمييز الصحابة , ابن حجر العسقلاني , نسخة كلكتا , المجلد الثاني , الجزء الثالث , ص ١٨
[40] أشار الأميني في المصدر الى انه دفن في (مدينة الكاظمية) ، وهذا خطأ واشتباه منه ، بل دفن في (كاظمة) ، وهي (الكويت) الْيَوْمَ ، وهي بادية تميم ، اذ مساكن تميم في البصرة وباديتها في الكويت ، واليها أشار الفرزدق
[41] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ٢ , ص ٤٦٣ – ٤٦٤
[42] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ٢ , ص ٥٠٦ – ٥٠٧
[43] ذكرت كتب التراجم ورجالات الصحابة نخبة من الروايات عن حديث عمر بن الخطاب ومتمم بن نويرة اخي مالك فيها شطر كبير من بسالته وجوده
[44] أصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه , الأميني , ج ٢ , ص ٥٧٠
[45] بلاغات النساء , ابن طيفور , منشورات مكتبة بصيرتي , ص ٧٤
[46] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥٨٢
[47] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥٧٩
[48] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٣ / ص ٧
[49] تهذيب التهذيب , ابن حجر , دار الفكر – 1984 , ج ٤ , ص ٢٥٩ – 260 ,, ميزان الاعتدال , الذهبي , دار المعرفة – بيروت , ج ٢ , ص ٢٥٥ ,, كتاب الضعفاء , أبو نعيم الأصبهاني , دار الثقافة – المغرب , ص ٩١ ,, أرشيف ملتقى أهل الحديث الالكتروني , بالتعاون مع مشروع المكتبة الشاملة الالكتروني , ج 8 , ص 491 ,,
[50] تاريخ ابن خلدون / دار الفكر / ج 4 \ ص 443 – 444
[51] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥٧٩
[52] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥٥٩
[53] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥٨١ – ٥٨٣
[54] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥٦٢ – ٥٦٤
[55] تاريخ الطبري / دار الفكر / ج ٢ / ص ٢٦٦
[56] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥١٧ – ٥١٩
[57] الشيخان \ طه حسين \ ص 44 – 47
[58] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٦٢٥
[59] تاريخ الطبري / دار الفكر / ج ٢ / ص ٢٨٠ – ٢٩٥
[60] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥٠١ – ٥٠٤
[61] سير اعلام النبلاء / مؤسسة الرسالة / ج ٣ / ص ١٤٤ – ١٥١
[62] سير اعلام النبلاء / مؤسسة الرسالة / ج ٤ / ص ٤٢٠ – ٤٢١
[63] الطبقات الكبرى / دار الكتب العلمية / ج ٥ / ص ٤
[64] سير اعلام النبلاء / مؤسسة الرسالة / ج ٢ / ص ٥٦٣ – ٥٦٧
[65] الاستيعاب في معرفة الاصحاب / ابن عبد البر / صفوان بن امية
[66] البداية والنهاية / ابن كثير / ج ٨
[67] الإصابة في تمييز الصحابة / ابن حجر العسقلاني / دار الكتب العلمية / ج ١
[68] المعجم الكبير / الطبراني / ج ١٩ / من اسمه مالك
[69] سير اعلام النبلاء / مؤسسة الرسالة / ج ٢ / ص ٥٤٣
[70] الطبقات الكبرى / ابن سعد / ج ٦ / المسور بن مخرمة
[71] الإصابة في تمييز الصحابة / دار الكتب العلمية / ج ٦ / ص ٤٩٢
[72] الإصابة في تمييز الصحابة
[73] تاريخ الطبري / دار الفكر / ج ٢ / ص ١٩١
[74] تاريخ التمدن الإسلامي / جرجي زيدان / مؤسسة هنداوي / ج ٢ / ص ٢١
[75] شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد المعتزلي / تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم / ج ٧ / ص ٢٩٧-٢٩٨
[76] الفصول المهمة في معرفة الأئمة / ابن الصّباغ المالكي / تحقيق : سامي الغريري / دار الحديث / ج ١ / ص ٤٥٥ الهامش
[77] جمع الجوامع / جلال الدين السيوطي / دار الكتب العلمية / ج ١٣ / ص ١٠٤
[78] اعيان الشيعة / ج ١ / ص ٥٣١
[79] اعيان الشيعة \ دار التعارف \ ج 1 \ ص 194
[80] الكامل في التاريخ / ابن الأثير / دار احياء الكتاب العربي / ج ٢ / ص ٧٣٣
[81] تاريخ التمدن الإسلامي 2 \ جرجي زيدان \ ص 31 : وقد نقل المهدي العباسي 500 رجل من الأنصار الى العراق حرساً له
[82] تاريخ الطبري / مؤسسة الاعلمي / ج ٢ / ص ٥٠٠
[83] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 565
[84] تاريخ الطبري / دار الفكر / ج ٢ / ص ٢٩٤
[85] وقعة صفين / المنقري / ص ١٨٧ – ١٨٨
[86] زاد المعاد في هدي خير العباد / شمس الدين بن القيم / دار الكتب العلمية / ص ٥٠٦
[87] عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن عبيد، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الكبائر؟ فقال: (هن في كتاب علي (عليه السلام) سبع: الكفر بالله، و قتل النفس، و عقوق الوالدين، و أكل الربا بعد البينة، و أكل مال اليتيم ظلما، و الفرار من الزحف، و التعرب بعد الهجرة) . \ البرهان في تفسير القران \ هاشم البحراني \ ج 5 \ تفسير سورة النجم
[88] اعيان الشيعة / ج ١ / ص ٥٢١ – ٥٢٥
[89] اعيان الشيعة / ج ١ / ص ٥١٢ – ٥١٣
[90] تاريخ المقريزي الكبير (المقفى الكبير) / تقي الدين المقريزي / دار الكتب العلمية / ج ٤ / ص ٤٢٨
[91] وقعة صفين / نصر بن مزاحم المنقري / ص ١١٧
[92] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 589
[93] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 586
[94] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 590
[95] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 595
[96] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 596
[97] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 597
[98] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 603
[99] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 604
[100] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 599
[101] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 603
[102] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 604
[103] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 604
[104] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 605
[105] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 606
[106] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 454
[107] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 612 – 613
[108] لقد كانت قبائل نجد وما جاورها من البادية معضلة دائمة في صدر الإسلام وفي زمن الامويين امتداداً الى اليوم حيث منها ظهر مكفّر المسلمين وحليف البريطانيين محمد بن عبد الوهاب الذي انشأ دولة ال سعود التي حاربت كل الطوائف الإسلامية . عن رسول الله قال : (اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا . قال : قالوا : وفي نجدنا . قال : قال : هناك الزلازل والفتن , وبها يطلع قرن الشيطان) .. ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري – شهاب الدين القسطلاني – دار الكتب العلمية – ج 3 ص 62 ح 1037
[109] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 622
[110] تهذيب التهذيب / ابن حجر العسقلاني / ج ٤ / ص ٣٠٣ / ترجمة ٥٣٠
[111] سير أعلام النبلاء / الذهبي / ج ٤ / بقية الطبقة الأولى من كبراء التابعين / شبث بن ربعي
[112] الكامل في التاريخ / ابن الأثير / الجزء الثاني / حوادث سنة أحدى وخمسين / مقتل حجر بن عدي
[113] اعيان الشيعة \ ج 1 \ ص 536
[114] تاريخ ابن خلدون / دار الفكر / ج ٤ / ص ١١٠ – ١١٨
[115] تاريخ ابن خلدون / ج ٦ / ص ١٢
[116] تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (السلفية) , سنت جون فيلبي , تعريب : عمر الديراوي , منشورات المكتبة الأهلية – بيروت , ص 3 – 7
[117] تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (السلفية) , ص 12 – 30
[118] مشهد الإمام أو مدينة النجف , ج 3 , ص 97
[119] مشهد الإمام أو مدينة النجف , ج 2 , ص 113